ثمّ التفت إلى جعفر قائلاً : يا أبا عبد الله ! هذا أبو حنيفة .
فقال : نعم أعرفه .
ثمّ قال المنصور : سله ما بدا لك يا أبا حنيفة .
فجعلت أسأله ويجيب الإجابة الحسنة ، ويفحم ، حتّى أجاب عن أربعين مسألة ، فرأيته أعلم النّاس باختلاف الفقهاء ؛ فلذلك أحْكُم أنّه أفقه مَن رأيت .
أخرجه الحافظ طلحة ، عن أبي العبّاس أحمد بن محمّد ، عن جعفر بن محمّد بن الحسين ، عن أبي نجيح إبراهيم بن محمّد، عن الحسن بن زياد ، عن أبي حنيفة )(١) .
رأي الفيروزآبادي في أبي حنيفة
وفي المتأخرين مِن العلماء أيضاً مَن يطعن في أبي حنيفة بشدّة بل يكفّره بصراحة ، كالفيروزآبادي صاحب القاموس ، وهذا ما حمل الشيخ عليّ القاري على أن يقول في ( رسالته ) :
( وقد أبدع صاحب القاموس ، حيث ترك المروة والناموس ، وأطنب في وصف ابن عربي إلى حدٍّ يعتقد الجاهل أنّه أفضل الخلائق ، وطعن في إمام الأئمّة ومقتدى الأُمّة مولانا أبي حنيفة بل قيل : وكفّره ، لكنّه أنكره ، مع علمه بأنّ علم الإمام ملأ الخافقين ، وعلمه وزهده اشتهر بين الثقلين ، ومِن المعلوم عند صاحب الدين على وجه اليقين أنّ قلامة ظفر الإمام خير مَن ملأ الأرض مِن مثل ابن عربي فيما بين الأنام .
ولم ينكر على ابن عربي في : أنّه يبيح المكث للجُنُب والحائض في
_______________________
(١) جامع مسانيد أبي حنيفة ١ : ٢٢٢ ـ ٢٢٣ .