بالاستحسان ، وأعني بالرأي أن ينصب مظنّةَ حرج أو مصلحة علّة لحكم ، وإنّما القياس أن تخرج العلّة مِن الحكم المنصوص ويدار عليها الحكم ، فأبطل هذا النوع أتمّ إبطال وقال : مَن استحسن فأنّه أراد أن يكون شارعاً ؛ حكاه ابن الحاجب في مختصر الأُصول .
مثاله : رُشْد اليتيم أمر خفي ، فأقاموا مظنّة الرشد ـ وهو بلوغ خمس وعشرين سنة ـ مقامه وقالوا : إذا بلغ اليتيم هذا العمر سُلّم إليه ماله ، قالوا : هذا استحسان ، والقياس أن لا يُسلّم إليه .
وبالجملة ، فلمّا رأى الشافعي في صنيع الأوائل مثل هذه الأُمور أخذ الفقه مِن الرأس ، فأسّس الأُصول وفرّع الفروع ، وصنّف الكتب ، فأجاد وأفاد واجتمع عليها الفقهاء )(١) .
أقول :
فبمثل هذه الكلمات يعرف حال أبي حنيفة وغيره ممّن يستعمل الاستحسان في الدين !
وكذلك قال الدهلوي في كتابه ( حجّة الله البالغة ) .
فتأمّل حتّى يأتيك اليقين ، ولاتكن ممّن يضلّ عن الدين بتسويلات الشياطين ، والله الموفّق والمعين.
الاستحسان مِن أسباب تحريف الدين
وهذه عبارة الدهلوي في بيان أسباب تحريف الدين :
_______________________
(١) الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف : ٤٤ ـ ٤٥ .