نقد تمحّلات القوم في معنى الحديث .
* فلا وجه لأن يُحمل الحديث على خصوص الذين ارتدّوا عن الإسلام وأنكروا رسالة النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما في كلام بعضهم كابن روزبهان ، حيث قال :
( ما روي مِن الجمع بين الصحيحين : أنّ رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يقال له : لا تدري ما أحدثا بعدك فاتّفق العلماء أنّ هذا في أهل الردّة الذين ارتدّوا بعد وفاة رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ومَن كانوا أصحابه في حياته ثمّ ارتدّوا بعده ويدلّ عليه الأحاديث والأخبار التي سنذكر بعد هذا .
ولا شكّ أنّ هذا لم يرِد في شأن جميع أصحاب محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم بالإجماع ؛ لأنّ فيهم مَن لم يتغيّر ولم يبدّل بعده بلا خلاف ، فهو مِن أهل النجاة بلا نزاع .
فإنْ أُريد به مَن بدّل بعض التبديل ولم يبلغ الارتداد ، فليس في الأصحاب إلاّ مَن بدّل بعض التبديل ، فيرجع الوعيد إلى الأكثر ، فلزم أن لا يهتدي بمحمّدٍصلىاللهعليهوآلهوسلم إلاّ نفر معدود في كلّ عصرٍ مِن الأعصار ، وهذا ينافي ما ذكره رسول الله مِن كثرة أُمّته يوم القيامة ، وإنّه يباهي بهم الأمم ، كما ورد في صحاح الأحاديث .
وإنْ أُريد به التبديل إلى حدّ الكفر فهو عين المدّعى .
فلزم مِن هذه المقدّمات أنّ هذا الحديث وأمثاله في هذا الباب واردة في شأن أهل الردّة كما قاله العلماء )(١) .
فكما أنّ أحداً مِن علماء الإماميّة لا يقول بأنّ المراد مِن حديث الحوض خصوص أهل السقيفة وأتباعهم ، كذلك لا يجوز حمل الحديث وتنزيله على خصوص المرتدّين عن الإسلام كمُسَيْلَمة وأصحابه ، بل الحديث عامّ ينطبق على هؤلاء وهؤلاء ، وأنّ جميعهم يستحقّون النار مخلَّدون في الجحيم والعذاب الأليم .
* هذا ، وربّما قال بعض أهل السنّة بأنّ في بعض ألفاظ الحديث أنّ النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم قال : ( فأقول : أُصيحابي أُصيحابي ، فيقال : إنّهم لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم ، فأقول كما قال العبد الصالح عيسى :( كُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ـ إلى قوله ـالْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ) .
_______________________
(١) إبطال نهج الحقّ ط ضمن : دلائل الصدق ٣ : ٤٠٠ ـ ٤٠١ .