12%

قال : فكتب عثمانرضي‌الله‌عنه أن اِلحَقْ بي .

قال : فقَدِمَ أبو ذر وعثمان في المسجد ، فأقبل حتّى سلّم عليه ، فردّعليه‌السلام وقال له :

كيف أنت يا أبا ذر ؟

قال : بخير .

ثمّ خرج عثمانرضي‌الله‌عنه فقال له : يا أبا ذر حدّثنا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال : نعم حدّثني حبيبيأنّ في الإبل صدقة ، وفي الزرع صدقة ، وفي الدرهم صدقة ، وفي الشاة صدقة ، ومَن بات وفي بيته دينار أو درهم لا يعدّه لغريمه أو ينفقه في سبيل الله فهو كنز يكوى به يوم القيامة .

قالوا : يا أبا ذر ، اتّق الله وانظر ما تحدّث ، فإنّ هذه الأموال قد فشت في الناس .

فقال : أما تقرؤون القرآن( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) فمكث ليلتين أو ثلاثاً .

فأرسل إليه عثمانرضي‌الله‌عنه فقال : اِلحَقْ بالرَبَذَة وهي قرية خربة .

فخرج إلى الرَبَذَة ، فوجدهم يؤمّهم أسود ، فقيل لأبي ذر : تقدّم ، فأبى وصلّى خلف الأسود وقال : صدق الله ورسوله ، قال لي :اسمع وأطع وإن صلّيت خلف الأسود .

ومكث هناك حتّى مات رحمه الله )(١) .

وفي هذه الأخبار فوائد :

مِنها : قول رسول للهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (رحم الله أبا ذر... ) فإنّه دليل على أنّ موت أبي ذر كذلك ، الواقع بأمر عثمان ، يعدّ مِن مناقبه ومآثره ، فيكون إخراجه ظلماً له وجَوْراً عليه .

ومِنها : قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبي ذر : (سيصيبك بعدي... ) وقوله في الجواب : ( فمرحباً بأمر الله... ) فإنّه نصّ قاطع على مزيد جَوْر

_______________________

(١) تنبيه الغافلين لأبي الليث السمرقندي : ٥٨٥ وما بعدها .