17%

بعواقب الأعمال وآثار الأفعال، بما يترتّب على ذات العمل من سعادة وشقاء، فيجعل المخاطب في موقف العالم بآثار الشيء ويترك اختيار أحد الطرفين إليه، حتى يكون هو المختار في العمل، فإن اتّبع نصحه وإرشاده فقد نجا عمّا يترتّب على العمل من الهلاك والخسران، وإن خالفه تصيبه المضاعفات التي تكمن في ذات العمل.

ولتوضيح ذلك نأتي بمثال:

إنّ الطبيب إذا وصف دواءً لمريض وأمره بتناول ذلك الدواء والاجتناب عن أُمور أُخرى، فلو قام المريض بالطاعة والامتثال، تترتّب عليه الصحّة والعافية، وإن خالف أمر الطبيب لم يترتّب على تلك المخالفة سوى المضاعفات المترتّبة على نفس العمل؛ وذلك لأنّ الطبيب لم يكتب له تلك الوصفة إلاّ بما أنّه طبيب ناصح ومعالج مشفق.

ومثل ذلك ما إذا قال سبحانه:( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) بعدما أمر الناس بواجبات ونهى عن أُمور، فلو خالف المكلّف وترك الواجب كالصلاة والصوم وارتكب المنهيّات كالكذب والغيبة، فقد خالف عندئذٍ أمرين:

١ - الأمر بالصلاة والصوم.

٢ - الأمر بإطاعة الله ورسوله.

فلا يترتّب على تينك المخالفتين سوى عقاب واحد لا عقابان؛ وذلك لأنّ الأمر الثاني لم يكن أمراً مولوياً، بل كان أمراً إرشادياً لا يترتّب على مخالفته سوى ما يترتّب على مخالفة الأمر الأوّل؛ وذلك لأنّ المفروض أنّ الآمر لم يتخذ لنفسه عند الأمر بإطاعة الله ورسوله، موقف الآمر الواجب الطاعة، بل أمر بلباس النصح