17%

وجعله معلّماً للملائكة ومسجوداً لهم، وفي هذه الحالة طلب منه أن يترك الأكل من الشجرة المعيّنة، كان المترقّب من مثله أن يتورّع عن أيّة مخالفة مهما صغرت، ومهما كان الأمر والنهي غير إلزاميين، ولأجل ذلك يُعد هذا العمل - مع ملاحظة ما حفّه من الشرائط - عصياناً محتاجاً إلى التوبة.

جواب ثالث عن الإشكال

وهاهنا جواب ثالث: وهو أنّ محور البحث عند المتكلّمين في عصمة الأنبياء عبارة عن مخالفة الإنسان المكلّف، للتكليف الإلهي بعد تشريع الشرائع، وإنزال الكتب، ولو كان هذا هو المعيار لما صدق في قصّة آدم؛ لأنّ البيئة التي كان أبو البشر يعيش فيها قبل الهبوط، لم تكن دار التشريع والتكليف، ولم تكن هناك أيّة شريعة، والمخالفة في هذا المحيط لا تُعدّ نقضاً للعصمة، فلاحظ، فقد تقدّم بعض ذلك الكلام في ذيل الجواب الأوّل.

إلى هنا تبيّن أنّ مخالفة آدم لنهيه سبحانه لا تضاد عصمته، وقد عرفت الأجوبة الثلاثة، فحان حين البحث عن بعض المفاهيم الواردة في الآيات التي تقدّمت عليك، وربّما يُعد بعضها دليلاً على أنّ المخالفة من آدم كانت ذنباً شرعيّاً، ولأجل ذلك يجب علينا توضيح هذه المفاهيم الواردة في القصّة.

٢ - ما معنى وسوسة الشيطان لآدم ؟

وحقيقة هذا السؤال ترجع إلى أنّ ظاهر الآيات الماضية هو تأثير الشيطان في نفس آدم بالوسوسة قال سبحانه:( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ ) (١) ، وقال

____________________

١ - الأعراف: ٢٠.