للنفس غير عمل السوء، فالأوّل موجب لحط النفس عن مكانتها ولا يستلزم تجاوزاً عن حدود الله، بخلاف عمل السوء فإنّه تجاوز على حدوده؛ وبذلك يعلم أنّ المراد من قوله سبحانه:( وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) (١) هو الظلم للنفس المستلزم لحط النفس عن مكانتها، في مقابل عمل السوء المستلزم للتجاوز على حدوده سبحانه.
( التوبة ) بمعنى الرجوع، فإذا نسبت إلى الله تتعدّى بكلمة ( على ) قال سبحانه:( لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيّ وَالمُهَاجِرِينَ والأنصار الّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ ) (٢) ، أي رجع عليهم بالرحمة.
وإذا نسبت إلى العبد تتعدّى بكلمة ( إلى ) قال سبحانه:( فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) (٣) .
وقال سبحانه:( أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (٤) .
فإذا كانت التوبة بمعنى الرجوع، فعندما تعدّت ب- ( على ) يكون معنى قوله:( فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) (٥) أنّ الله رجع عليه بالرحمة، فالتوبة في هذه الجملة توبة من الله على العبد لا من العبد إلى الله، ومعنى الأوّل هو رجوعه سبحانه على العبد باللطف والمرحمة.
____________________
١ - البقرة: ٣٥.
٢ - التوبة: ١١٧.
٣ - البقرة: ٥٤.
٤ - المائدة: ٧٤.
٥ - البقرة: ٣٧.