5%

النَّخْل ) (١) وإنّما أراد على جذوعها، وقال الشاعر:

وافتحي الباب وانظري في النجوم

كم علينا من قطع ليل بهيم

جواب آخر عن الشبهة

وربّما يجاب عن الإشكال: أنّه من قبيل المعاريض في الكلام، والمعاريض: عبارة عن أن يقول الرجل شيئاً يقصد به غيره ويفهم منه غير ما يقصده، فلعلّه نظر في النجوم نظر الموحّد في صنعه تعالى، الذي يستدل به على خالقه وصفاته، ولكنّ القوم حسبوا أنّه ينظر إليها نظر المنجّم فيها ليستدل بها على الحوادث، فقال:( إنّي سقيم ) (٢) .

ولا يخفى أنّ الجواب مبني على أنّه لم يكن سقيماً آنذاك، وهو بعد غير ثابت، على أنّ المعاريض غير جائزة على الأنبياء لارتفاع الوثوق بذلك عن قولهم.

وبذلك يعلم قيمة ما أخرجه أصحاب الصحاح والسنن من طرق كثيرة عن أبي هريرة: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: لم يكذب إبراهيمعليه‌السلام غير ثلاث كذبات: ثنتين في ذات الله: قوله:( إنّي سقيم ) وقوله:( بل فعله كبيرهم هذا ) وقوله في سارة:( هي أُختي ) (٣) .

وقد عرفت أنّ إبراهيم لم يكذب في الأُوليين، وأمّا الثالثة فهي مرويّة في التوراة المحرّفة، فهل يمكن بعد هذا، الاعتماد على الرواية ؟!

والعجب أنّ ابن كثير صار بصدد تصحيح الرواية، وقال: ليس هذا من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله، حاشا وكلاّ، وإنّما أُطلق الكذب على هذا

____________________

١ - طه: ٧١.

٢ - تفسير القرآن العظيم لابن كثير: ٤/١٣.

٣ - تفسير القرآن العظيم لابن كثير: ٤/١٣.