5%

وإنّ الله سبحانه يصرف كل سوء وفحشاء عنهم فلا يقترفون معصيته ولا يهمّون بها بما يريهم الله من برهانه، وهذه هي العصمة الإلهيّة(١) .

السؤال الرابع:

لو كان المراد من( برهان ربّه ) هو العصمة، فلماذا قال سبحانه:( رأى برهانه ربّه ) ، فإنّ هذه الكلمة تناسب الأشياء المحسوسة كالمعاجز والكرامات لا العصمة التي هي علم قاهر لا يغلب ويصون صاحبه عن اقتراف المعاصي.

أقول: إنّ الرؤية كما تستعمل في الرؤية الحسّيّة والرؤية بالأبصار، تستعمل أيضاً في الإدراك القلبي والرؤية بعين الفؤاد قال سبحانه:( مَا كَذَبَ الْفُؤادُ مَا رَأَى ) (٢) ، وقوله سبحانه:( أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَءَآهُ حَسَناً ) (٣) وقوله سبحانه:( وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنْا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرينَ ) (٤) ، وهذه الآيات ونظائرها تشهد بوضوح بأنّ الرؤية تستعمل في الإدراك القلبي والاستشعار الباطني.

وعلى ذلك فيوسف الصديق لمّا وقع مقابل ذلك المشهد المغري، الذي يسلب اللب والعقل عن البشر، كان المتوقّع بحكم كونه بشراً، الميل إلى المخالطة معها والعزم على الإتيان بالمعصية، ولكنّه لمّا أدرك بالعلم القاطع أثر تلك المعصية صانه ذلك عن أي عزم وهمّ بالمخالطة.

هذا هو المعنى المختار في الآية، وبذلك تظهر نزاهة يوسف عن أي هم

_____________________

١ - الميزان: ١١/١٤٢.

٢ - النجم: ١١.

٣ - فاطر: ٨.

٤ - الأعراف: ١٤٩.