5%

إنّ هذا التحليل لا يبتنى على أساس رصين وإنّما هو من الأوهام والأساطير التي اخترعتها نفسيّة الرجل وعداؤه للإسلام والمسلمين أوّلاً، والشيعة وأئمّتهم ثانياً، وسيوافيك بيان منشأ ظهور تلك الفكرة.

القرآن يطرح مسألة العصمة

إنّ العصمة بمعنى المصونية عن الخطأ والعصيان مع قطع النظر عمّن يتصف بها، قد ورد في القرآن الكريم، فقد جاء وصف الملائكة الموكّلين على الجحيم بهذا الوصف إذ يقول:( عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤمَرُونَ ) (١) .

ولا يجد الإنسان كلمة أوضح من قوله سبحانه: ( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) في تحديد حقيقة العصمة، وواقعها، وإلفات الإنسان المتدبّر في القرآن إلى هذه الفكرة، وذاك الأصل.

إنّ الله سبحانه يصف الذكر الحكيم بقوله:( لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) (٢) .

كما يصفه أيضاً بقوله:( إِنَّ هذَا الْقُرآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِىَ أَقْوَمُ وَيُبَشّرُ الْمُؤمِنينَ ) (٣) .

فهذه الأوصاف تنصّ على مصونية القرآن من كل خطاء وضلال.

وعلى ذلك فالعصمة بمفهومها الوسيع، مع قطع النظر عن موصوفها، قد طرحها القرآن وألفت نظر المسلمين إليها، من دون أن يحتاج علماؤهم إلى أخذ

____________________

١ - التحريم: ٦.

٢ - فصلت: ٤٢.

٣ - الإسراء: ٩.