5%

هذه الفكرة من الأحبار والرهبان.

نعم إنّ الموصوف في هذه الآيات، وإن كانت هي الملائكة أو القرآن الكريم والمطروح عند علماء الكلام هو عصمة الأنبياء والأئمّة، لكنّ الاختلاف في الموصوف لا يضر بكون القرآن مبدعاً لهذه الفكرة؛ لأنّ المطلوب هو الوقوف على منشأ تكوّن هذه الفكرة، ثم تطوّرها عند المتكلّمين، ويكفي في ذلك كون القرآن قد طرح هذه المسألة في حق الملائكة والقرآن.

عصمة النبي في القرآن الكريم

إنّ العصمة ذات مراحل أربع، وقد تكفّل القرآن ببيان تلك المراحل في مورد الأنبياء عامّة، ومورد النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاصّة، وسيوافيك بيان تلك المراحل ودلائلها القرآنية.

فإذا كان القرآن هو أوّل مَن طرح هذه المسألة بمراحلها ودلائلها، فكيف يصح أن ينسب إلى الشيعة ويتصوّر أنّهم الأصل في طرح هذه المسألة ؟!

وإن كنت في ريب ممّا ذكرناه - هنا - فلاحظ قوله سبحانه في حق النبي الأكرم حيث يصف منطقه الشريف بقوله:

( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى ) (١) .

فترى الآيتين تشيران - بوضوح - إلى أنّ النبي لا ينطق عن ميول نفسانية وإنّ ما ينطق به وحي أُلقي في روعه وأُوحى إلى قلبه، ومَن لا يتكلّم عن الميول النفسانية، ويعتمد في منطقه على الوحي يكون مصوناً من الزلل في المرحلتين: مرحلة الأخذ والتلقّي، ومرحلة التبليغ والتبيين.

على أنّ الآيات القرآنية تصف فؤاده وعينه بأنّهما لا يكذبان ولا يزيغان ولا

____________________

١ - النجم: ٣ - ٤.