وأمّا ( الركض ): فهو الضرب بالرجل.
هذه هي اللغات الواردة في الآية، فإذا عرفنا معانيها فلنرجع إلى تفسير الآية، وستعرف أنّه لا يُستشمّ منها صدور أيّ معصية من النبي أيّوب مظهر الصبر والمقاومة.
أمّا ما ورد في سورة الأنبياء، فلا يدل على أزيد من أنّه مسّه الضر وشملته البليّة، فابتهل إليه سبحانه قائلاً:( أنّي مسّني الضرّ وأنت أرحم الراحمين ) ، وعندئذٍ شملته العناية الإلهية، فكشف الله عنه ما به من ضر، ومن المحتمل جداً أنّ المراد هو المرض وشافاه الله من ذلك المرض الذي ابتُلي به سنين، ولم يكتف بذلك بل وآتاه أهله بإحيائهم، مضافاً إلى مثلهم، كل ذلك رحمة من عنده، ولم يكن ذلك العمل إلاّ امتحاناً منه سبحانه لأيّوب وغيره من العابدين، حتى يتذكّروا ويعلموا أنّ الله تعالى يبتلي أولياءه ثم يؤتيهم أجرهم، ولا يضيع أجر المحسنين، وليس الامتحان إلاّ لأجل تفتّح الكمالات المكنونة في ذات الممتَحن، ولا تظهر تلك الكمالات إلاّ إذا وقع الإنسان في بوتقة الامتحان فتظهر حينئذ بواطنه من الكمالات والمواهب، وقد أوضحنا ذلك في بعض مسطوراتنا، يقول أمير المؤمنينعليهالسلام في هذا المجال:
( ومعنى ذلك أنّه يختبرهم بالأموال والأولاد ليتبيّن الساخط لرزقه والراضي بقسمه وإن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم، ولكن لتظهر الأفعال التي بها يستحق الثواب والعقاب )(١)
____________________
١ - نهج البلاغة: قسم الحكم، الرقم ٩٣.