يعرب عن أنّ الفتح المبين غير الفتح القريب، قال سبحانه:( لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تُخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحَاً قَرِيباً ) (١) ، وهذا الفتح القريب إمّا فتح خيبر، أو فتح مكّة، والظاهر هو الثاني وأمّا رؤيا النبي فقد تحقّقت في العام القابل، عام عمرة القضاء، فدخل النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم والمؤمنون مكّة المكرّمة آمنين محلّقين رؤوسهم ومقصّ-رين، وأقاموا بها ثلاثة أيام، ثم خرجوا متوجّهين إلى المدينة، وذلك في العام السابع من الهجرة، وفي العام الثامن توفّق النبي لفتح مكّة وتحقّق قوله سبحانه: ( فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً ).
هذا كلّه حسب سياق الآيات، وأمّا الروايات فهي مختلفة بين تفسيرها بالحديبية، وتفسيرها بفتح مكّة، والقضاء فيها موكول إلى وقت آخر، ولا يؤثر هذا الاختلاف فيما نحن بصدده في هذا المقام.
قال ابن فارس في المقاييس: ذنب له أُصول ثلاثة: أحدها الجرم، والآخر: مؤخّر الشيء، والثالث: كالحظ والنصيب(٢) .
وقال ابن منظور: الذنب: الإثم والجرم والمعصية، والجمع ذنوب، وذنوبات جمع الجمع، وقد أذنب الرجل، وقوله عزّ وجلّ في مناجاة موسى على نبيّنا وعليه الصلاة والسلام:( وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ ) (٣) ، عنى بالذنب قتل الرجل الذي وكزه
____________________
١ - الفتح: ٢٧.
٢ - معجم مقاييس اللغة: ٢/٣٦١.
٣ - الشعراء: ١٤.