أنّه نبيّ هذه الأُمّة وأنا لا آمن عليه منهم، وكان عبد المطلب لا يأكل طعاماً إلاّ يقول: عليّ بابني، أي احضروه، ويجلسه بجنبه وربّما أقعده على فخذه ويؤثره بأطيب طعامه(١) هذا هو عبد المطلب وتعوذّه ببيت الله الحرام ومواقفه بين قومه وكلماته في المبدأ والمعاد وعطفه على رسالة خاتم النبيين، أبعد هذا يبقى لأحدٍ شك في توحيده وإيمانه، بل واعترافه برسالة الرسول الأكرمصلىاللهعليهوآلهوسلم ؟!
قضى النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم لفيفاً من عمره في رعايته، فلمّا بلغ أجله أوصى إلى ابنه الزبير بالحكومة وأمر الكعبة، وإلى أبي طالب برسول الله وسقاية زمزم، وقال له: قد خلّفت في أيديكم الشرف العظيم الذي تطأُون به رقاب الناس، وقال لأبى طالب:
أوصيك يا عبد مناف بعدي | بمفردٍ بعد أبيه فردِ | |
فارقه وهو ضجيع المهدِ | فكنت كالأُمِّ له في الوجدِ | |
تدنيه من أحشائها والكبدِ | فأنت من أرجى بنيَّ عندي |
لدفع ضيمٍ أو لشدّ عقدِ(٢)
قد تعرّفت على إيمان ( عبد المطلب ) الكفيل الأوّل لصاحب الرسالة، فهلمّ معي ندرس حياة كفيله الآخر بعده، وهو أبو طالب شيخ البطحاء، فقد اتفقت
____________________
١ - سيرة زيني دحلان بهامش السيرة الحلبية: ١/٦٤.
٢ - تاريخ اليعقوبي: ٢/١٠، طبعة النجف.