5%

كلمة أهل السِيَر والتاريخ على كفالته لصاحب الرسالة بعد جدّه، ودرئه عنه كل سوء وعادية طيلة حياته، وإن اختلفت آراؤهم في إيمانه بالرسول الأكرم بعد البعثة؛ ولأجل تحقيق الحال نركّز على البحث عن نقطتين: إيمانه قبل البعثة، وإيمانه بعد البعثة:

إيمانه بالله قبل البعثة

يكفي في إيمانه بالله وخلوص توحيده عدّة أُمور نشير إليها:

١ - ما أخرجه ابن عساكر في تاريخه، عن جلهمة بن عرفطة، قال: قدمت مكّة وهم في قحط، فقالت قريش يا أبا طالب أقحط الوادي وأجدب العيال فهلمّ واستسق، فخرج أبو طالب ومعه غلام كأنّه شمس دجى تجلّت عنه سحابة قتماء وحوله اغيلمة، فأخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبة، ولاذ بإصبعه الغلام وما في السماء، قزعة(١) .

فأقبل السحاب من ها هنا وها هنا وأغدق واغدودق وانفجر له الوادي وأخصب البادي والنادي، ففي ذلك يقول أبو طالب ويمدح به النبي أكثر من ثمانين بيتاً:

وأبيض يُستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة للأراملِ

يلوذ به الهلاّك من آل هاشمٍ

فهم عنده في نعمةٍ وفواضلِ

وميزان عدلٍ لا يخيس شعيرة

ووزان صدق وزنه غير هائلِ(٢)

____________________

١ - القزعة: قطعة من السحاب.

٢ - السيرة الحلبية: ١/١١٦ لاحظ فتح الباري: ٢/٤٩٤، والقصيدة مذكورة في السيرة النبويّة لابن هشام: ١/٢٧٢ - ٢٨٠.