( اللوامع الإلهية ): ( ولبعضهم كلام حسن جامع هنا قالوا: العصمة مَلَكة نفسانية يمنع المتصف بها من الفجور مع قدرته عليه، وتتوقّف هذه المَلَكة على العلم بمثالب المعاصي ومناقب الطاعات؛ لأنّ العفّة متى حصلت في جوهر النفس وانضاف إليها العلم التام بما في المعصية من الشقاء، والطاعة من السعادة، صار ذلك العلم موجباً لرسوخها في النفس فتصير ملكة )(١) .
يقول العلاّمة الطباطبائي في هذا الصدد: إنّ القوّة المسمّاة بقوّة العصمة سبب شعوري علمي غير مغلوب البتة، ولو كانت من قبيل ما نتعارفه من أقسام الشعور والإدراك، لتسرّب إليها التخلّف، ولتخبّط الإنسان على أثره أحياناً، فهذا العلم من غير سنخ سائر العلوم والإدراكات المتعارفة، التي تقبل الاكتساب والتعلّم، وقد أشار الله في خطابه الذي خصّ به نبيّه بقوله:( وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ) (٢) وهو خطاب خاص لا نفقهه حقيقة الفقه، إذ لا تذوّق لنا في هذا المجال(٣) .
وهوقدسسره يشير إلى كيفية خاصة من العلم والشعور الذي أوضحناه بما ورد حول الكنز وآثاره.
إنّ هاهنا نظرية ثالثة في تبيين حقيقة العصمة يرجع لبّها إلى أنّ استشعار العبد بعظمة الخالق وحبّه وتفانيه في معرفته وعشقه له، يصدّه عن سلوك ما يخالف رضاه سبحانه.
____________________
١ اللوامع الإلهيّة: ١٧٠.
٢ النساء: ١١٣.
٣ الميزان: ٥/٨١.