يقول العلاّمة الطباطبائي: إنّ الله سبحانه خلق بعض عباده على استقامة الفطرة، واعتدال الخلقة، فنشأوا من بادئ الأمر بأذهان وقّادة، وإدراكات صحيحة ونفوس طاهرة، وقلوب سليمة، فنالوا بمجرّد صفاء الفطرة وسلامة النفس من نعمة الإخلاص ما ناله غيرهم بالاجتهاد والكسب بل أعلى وأرقى لطهارة داخلهم من التلوّث بألواث الموانع والمزاحمات، والظاهر أنّ هؤلاء هم المخلصون ( بالفتح ) لله في مصطلح القرآن، وهم الأنبياء والأئمّة، وقد نصّ القرآن بأنّ الله اجتباهم، أي جمعهم لنفسه وأخلصهم لحضرته، قال تعالى:( وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (١) وقال:( هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (٢) ،(٣) .
وهذه العبارة من العلاّمة الطباطبائي تشير إلى القسم الثاني وهو القابليات الخارجة عن اختيار الأنبياء غير أنّ هناك أُموراً واقعة في اختيارهم كما عرفت، فالكل يعطي الصلاحية لإفاضة الموهبة الإلهية على تلك النفوس المقدّسة.
إنّ للسيّد المرتضى كلاماً في الإجابة عن هذا السؤال نأتي بنصّه:
فإن قيل: إذا كان تفسير العصمة ما ذكرتم فألاَّ عَصَمَ الله تعالى جميع المكلّفين وفعل بهم ما يختارون عنده الامتناع من القبائح ؟
قلنا: كل مَن علم الله تعالى أنّ له لطفاً يختار عنده الامتناع من القبائح فإنّه لا بد أن يفعل به وإن لم يكن نبيّاً ولا إماماً؛ لأنّ التكليف يقتضي فعل اللطف على
____________________
١ - الأنعام: ٨٧.
٢ - الحج: ٧٨.
٣ - الميزان: ١١/١٧٧.