قبلها وإن وقعت مكفّرة لا يكون سكوننا إليه كسكوننا إلى مَن نأمن منه كل القبائح ولا نجوّز عليه فعل شيء منها(١) .
ربّما يقال: إنّ العقلاء يكتفون في تبليغ برامجهم التعليمية والتربوية بما يغلب صدقه على كذبه، ويكفي في ذلك كون الرسول رجلاً صدوقاً عدلاً، ومن المعلوم أنّ الصدوق العادل ليس بمعصوم وليس صادقاً مائة بالمائة، وفي نهاية الكمال؛ ولأجل ذلك لا مانع من أن يكتفي سبحانه في تبليغ شرائع الأنبياء بأفراد صالحين يغلب حسنهم على قبحهم وثباتهم على زللهم.
هذا هو السؤال، وأمّا الجواب: فإنّ اكتفاء العقلاء بهذه الدرجة من الصلاح والاستقامة، لأجل وجهين:
إمّا لعدم تمكّنهم من أفراد كاملين، وإمّا لاكتفائهم في تحقّق أهدافهم على الحد الخاص من الواقعية، وكلا الأمرين لا يناسب ساحته سبحانه؛ إذ في وسع المولى سبحانه بعث رجال معصومين، وتحقيق أهدافه على الوجه الأكمل.
يقول العلاّمة الطباطبائي في هذا الصدد: إنّ الناس يتسبّبون في أنواع تبليغاتهم وأغراضهم الاجتماعية بالتبليغ بمَن لا يخلو من قصور وتقصير في التبليغ، لكنّ ذلك منهم لأحد أمرين لا يجوز في ما نحن فيه، لمكان المسامحة منهم في الوصول إلى الأهداف، فإنّ مقصودهم هو البلوغ إلى ما تيسّر من المطلوب والحصول على اليسير والغض عن الكثير، وهذا لا يليق بساحته تعالى(٢) .
____________________
١ - تنزيه الأنبياء: ٤ - ٦.
٢ - الميزان: ٢/١٤١.