فصل
في ذكر خطبةٍ خطبها للناس(١)
روى الشيخ الكليني في الروضة، بإسناده عن أبي الهيثم بن التّيهان، أنّ أمير المؤمنينعليهالسلام خطب الناس بالمدينة فقال: الحمد لله الذي لا إله إلاّ هو، كان حيّاً بلا كيف، ولم يكن له كان، فذكر كلامهعليهالسلام في التحميد لله، والصلاّة على رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أن قال مخاطباً للناس: أما والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، لو اقتبستم العلم من معدنه، وشربتم الماء بعذوبته، وادّخرتم الخير من موضعه، وأخذتم من الطّريق واضحه، وسلكتم من الحق نهجه لَنَهَجتْ(٢) بكم السبل، وبدت لكم الأعلام، وأضاء لكم الإسلام، فأكلتم رغداً، وما عال فيكم عائل، ولا ظلم منكم مسلم ولا معاهد، ولكن سلكتم سبيل الظلام، فأظلمت عليكم دنياكم برحبها(٣) ، وسُدّت عليكم أبواب العلم، فقلتم بأهوائكم واختلفتم في دينكم، فأفتيتم في دين الله بغير علم، واتّبعتم الغواة فأغوتكم، وتركتم الأئمّة فتركوكم فأصبحتم تحكمون بأهوائكم، إذا ذكر الأمر سألتم أهل الذِّكر، فإذا أفتوكم قلتم: هو العلم بعينه، فكيف وقد تركتموه ونبذتموه وخالفتموه، رويداً، عمّا قليل تحصدون
____________________
(١) وتسمّى بالطالوتية؛ قيل سمّيت بذلك لاشتمالها على ذكر طالوت وأصحابه.
(٢) نهج: أي وضح.
(٣) الرُحب بالضم: السعة.