روى ابن أبي الحديد عن كتاب السقيفة للجوهري، بإسناده عن الشعبي قال: قال أبو بكر: يا عمر، أين خالد بن الوليد؟ قال هو هذا، فقال: انطلقا إليهما يعني: عليّاً والزبير، فأتياني بهما، فدخل عمر ووقف خالد على الباب من خارج، فقال عمر للزبير: ما هذا السيف؟ قال أعددته لأبايع عليّاً، قال: وكان في البيت ناس كثير منهم المقداد بن الأسود وجمهور الهاشميين، فاخترط عمر السيف فضرب به صخرة في البيت فكسره، ثم أخذ بيد الزبير فأقامه، ثم دفعه فأخرجه، وقال: يا خالد دونك هذا، فأمسكه خالد وكان في خارج البيت مع خالد جمع كثير من الناس أرسلهم أبو بكر رِداءاً لهما، ثم دخل عمر فقال لعليعليهالسلام : قم فبايع، فتلكّأ واحتبس، فأخذه بيده فقال: قم، فأبى أن يقوم، فحمله ودفعه كما دفع الزبير، ثم أمسكهما خالد وساقهما عمر ومَن معه سوقاً عنيفاً، واجتمع الناس ينظرون وامتلأت شوراع المدينة بالرّجال.
ورأت فاطمةعليهاالسلام ما صنع عمر، فصرخت وولوت، واجتمعت معها نسوة كثيرة من الهاشميات وغيرهنّ، فخرجت إلى باب حجرتها ونادت: يا أبا بكر، ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله، والله لا أكلّمه حتى ألقى الله، قال: فلمّا بايع عليّعليهالسلام والزّبير، وهدأت تلك الفورة، مشى إليها أبو بكر بعد ذلك فشفع لعمر وطلب إليها فرضيت عنه.
قال ابن أبي الحديد: والصحيح عندي، أنّها ماتت وهي واجدة على أبي بكر وعمر، وأنّها أوصت أن لا يصلّيا عليها، وذلك عند أصحابنا من الصغائر(١) المغفورة لهما، وكان الأولى بهما إكرامها واحترام منزلتها، لكنّهما خافا الفرقة وأشفقا من الفتنة، ففعلا ما هو الأصلح بحسب ظنّهما،
____________________
(١) من الأمور - خ م.