9%

وخرج عن ذلك الزي الأوّل وذلك الشعار ونسي السيف وصار كالفاتك، يتوب ويصير سايحاً في الأرض أو راهباً في الجبال، فلمّا أطاع الذين وُلّوا الأمر وصار أذلّ لهم من الحذاء تركوه وسكتوا عنه، ولم تكن العرب لتقدم عليه إلاّ بمواطاة من متولّي الأمر وباطن في السرّ منه، فلمّا لم يكن لولاة الأمر باعث وداعٍ إلى قتله وقع الإمساك عنه، ولولا ذلك لقتل، ثمّ الأجل بعدُ معقل حصين.

فقلت: أحقُّ ما يقال في حديث خالد؟ فقال: إنّ قوماً من العلوية يذكرون ذلك، وقد رُوي أنّ رجلاً جاء إلى زفر بن الهذيل، صاحب أبي حنيفة، فسأله عمّا يقول أبو حنيفة في جواز الخروج من الصلاة بأمر غير التسليم، نحو الكلام والفعل الكثير أو الحدث، فقال: إنّه جائز، قد قال أبو بكر في تشهده، [ ما قال ] فقال الرجل: وما الذي قاله أبو بكر؟ قال: لا عليك، قال: فأعاد عليه السؤال ثانية وثالثة، فقال: أخرجوه أخرجوه، قد كنت أحدث أنّه من أصحاب أبي الخطاب، قلت: فما الذي تقوله أنت؟ قال: أنا أستبعد ذلك وإنّه روته الإمامية، الخ(١) .

رسالة أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى أبي بكر

الاحتجاج، رسالة أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى أبي بكر، لما بلغ عنه كلام بعد منع الزّهراءعليها‌السلام فدك:

شقّوا متلاطمات أمواج الفتن بحيازيم سفن النّجاة، وحطّوا تيجان أهل الفخر بجمع أهل الغدر، واستضيئوا بنور الأنوار، واقتسموا مواريث الطّاهرات الأبرار، واحتقبوا(٢) ثقل الأوزار بغصبهم نِحْلة النبيّ المختار، فكأنّي بكم تتردّدون في العمى كما يتردّد البعير في الطّاحونة.

____________________

(١) البحار: ج٨ ط القديمة ص ٩٣ - ٩٤.

(٢) احتقبوا: أي حملوا على ظهورهم.