وهي خيرة النسوان، وأُمّ سادة الشبّان، وعديلة ابنة عمران، تمّت بأبيها رسالات ربّه، فو الله لقد كان يشفق عليها من الحر والقر، ويوسّدها بيمينه، ويلحفها بشماله، رويداً، ورسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم بمرأى منكم، وعلى الله تَرِدون، واهاً لكم فسوف تعلمون؛ فحُرِمت أم سلمة عطاءَها في تلك السنة، انتهى.
وروى ابن أبي الحديد أيضاً، عن أحمد بن عبد العزيز الجوهري، عن هشام بن محمد، عن أبيه، قال: قالت فاطمةعليهاالسلام لأبي بكر: إنّ أُمّ أيمن تشهد لي أنّ رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم أعطاني فدك، فقال لها: يا ابنة رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، والله ما خَلَقَ الله خلقاً أحبّ إليّ من رسول الله أبيك، ولوددت أنّ السماء وقعت على الأرض يوم مات أبوك!!! والله لئن تفتقر عائشة أحبّ إليّ من أن تفتقري!! أتراني أعطي الأسود والأحمر والأبيض حقّه وأظلمك حقّك!! وأنت بنت رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، إنّ هذا المال لم يكن للنبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإنّما كان مالاً من أموال المسلمين، يحمل النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم به الرجال، وينفقه في سبيل الله، فلمّا تُوفّي رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وليته كما كان يليه.
قالت: والله لا كلّمتك أبداً، قال: والله لا هجرتك أبداً، قالت: والله لأدعونّ الله عليك، قال: والله لأدعون الله لك، فلمّا حضرتها الوفاة، أوصت أن لا يصلّيَ عليها، فدُفنت ليلاً وصلّى عليها العباس بن عبد المطلب، وكان بين وفاتها ووفاة أبيها اثنتان وسبعون ليلة(١) .
أقول: قال أبو عثمان الجاحظ على ما حكى عنه علم الهدى المرتضى (رضي الله عنه) وقد زعم ناس أنّ الدليل على صدق خبرهما يعني أبا بكر وعمر في منع الميراث، وبراءة ساحتهما ترك أصحاب رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم النكير عليهما، ثم قال: فيقال لهم: لئن كان ترك النكير دليلاً على صدقهما، ليكونن
____________________
(١) شرح النهج: ج١٦ ص٢١٤.