9%

فصل

أشعارها عند قبر أبيها ( صلّى الله عليه وآله )

رُوي أنّه لما قُبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ونال فاطمةعليها‌السلام ، من القوم ما نالها، لزمت الفراش، ونحل جسمها، وذاب لحمها، وجفّ جلدها على عظمها وصارت كالخيال(١).

ورُوي أيضاً أنها (صلّى الله عليها) ما زالت بعد أبيها معصّبة الرأس، ناحلة الجسم، منهدَّة الركن، باكية العين، محترقة القلب، يغشى عليها ساعة بعد ساعة، وتقول لولديها: أين أبوكما الذي كان يكرمكما ويحملكما مرّة بعد مرّة، أين أبوكما الذي كان أشدّ الناس شفقةً عليكما؟ فلا يدعكما تمشيان على الأرض، ولا أراه يفتح هذا الباب أبداً، ولا يحملكما على عاتقه كما لم يزل يفعل بكما(٢) .

فكانت (سلام الله عليها) كما أخبر أبوها عن يومها ذلك محزونة مكروبة باكية، تتذكّر انقطاع الوحي عن بيتها مرّة، وتتذكّر فراق والدها أُخرى، وتستوحش إذا جنّها الليل لفقد صوته الذي كانت تستمع إليه إذا تهجّد

____________________

(١) والخيال: ما تشبّه لك في اليقظة والحلم من صورة، وكساء أسود يُنصب على عودٍ يخيّلُ به للبهائم.

(٢) المناقب: ج٣ ص٣٦٢.