ولأي الأمور تدفن سرّاً | بضعة المصطفى ويعفى ثراها | |
فمضت وهي أعظم الناس شجواً | في فم الدهر غصّة [ عضّة ] من حواها | |
وثوت لا ترى لها الناس | مثوىً أيّ قدسٍ يضمّه مثواها |
وعن مصباح الأنوار، عن أبي عبد الله عن آبائهعليهمالسلام : أنّ أمير المؤمنينعليهالسلام لما وضع فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليهما وآلهما في القبر قال: بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله محمّد بن عبد اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، سلّمتكِ أيتها الصديقة إلى من هو أولى بك منّي، ورضيت لك بما رضي الله تعالى لك: ثم قرأ: ( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى )، فلمّا سوّى عليها التراب، أمربقبرها فرشّ عليه الماء، ثم جلس عند قبرها باكياً حزيناً، فأخذ العباس بيده فانصرف به(١) .
قال الراوي: وأصبح البقيع ليلة دُفنت (سلام الله عليها) وفيه أربعون قبراً جدداً، وإنّ المسلمين لما علموا وفاتها، جاؤوا إلى البقيع فوجدوا فيه أربعين قبراً، فأشكل عليهم قبرها من سائر القبور، فضجّ الناس ولامَ بعضهم بعضاً وقالوا: لم يخلّف نبيّكم فيكم إلاّ بنتاً واحدة تموت وتُدفن، ولم تحضروا وفاتها والصلاة عليها، ولا تعرفوا قبرها، ثم قال ولاة الأمر منهم: هاتم من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتى نجدها فنصلّي عليها ونزور قبرها.
فبلغ ذلك أمير المؤمنينعليهالسلام ، فخرج مغضباً قد احمرّت عيناه، ودرّت أوداجه، وعليه قباؤه الأصفر الذي كان يلبسه في كلِّ كريهة، وهو متّكئ على سيفه ذي الفقار حتّى ورد البقيع، فسار إلى النّاس النذير وقالوا: هذا عليُّ بن أبي طالب قد أقبل كما ترونه يقسم بالله لئن حوِّل من هذه القبور حجر ليضعنّ السيف على غابر الآخر.
____________________
(١) بحار الأنوار: ج٨٢ ص٢٨.