3%

وبالجملة: يظهر أنّ مثل هذا الحكم وما يجري مجراه ليس عن حسّ وشهود، بل مستنده الحدس والاستنباط، وقراءة المتون والروايات، والسماع من المشايخ الثقات، مع لحاظ خلفيّتهم الفكرية وإسقاطاتهم العقائدية التي تميل إلى جانب التشديد غير العلمي على الرواية والرواة، ومثل هذه الشهادة لا تكون حجة لا في التضعيف ولا في التوثيق.

نعم، نحن في الوقت الذي نقول بهذا، لا نستبعد أن يكون الغلاة قد وضعوا أخباراً دالّة على جزئية الشهادة تلك في الأذان، وأنّ الشيخ الصدوقرحمه‌الله قد سمعها منهم، فيكون ما قالهرحمه‌الله قد صدر منه عن حسٍّ ويقين، فلو ثبت هذا الاحتمال فنحن نتبرأ ممن يضع الأخبار على لسان الأئمّة ويزيد في الأذان ما ليس فيه، وهذا ما سنوضّحه أكثر عند دراستنا لكلام شيخنا الصدوق لاحقاً إن شاء الله تعالى(١) .

٢ - الرواية عن الضعفاء وأصحاب المذاهب الأُخرى واعتماد المراسيل

قرّر المحدّثون من أهل قم إقصاء من يروي عن الضعفاء ومن يأتي بالمراسيل، مع أنّ الرواية عن الضعفاء لا تقتضي تضعيف الراوي ولا تضعيف الرواية بنحو مطلق عند جميع المحدّثين سنة وشيعة، وأنّ رواية الثقات عن كثير من الضعفاء وحتّى المنتحلين للمذاهب الباطلة ممّا لا يكاد يدفعه أحد، وكذا اعتماد المراسيل فإنّها مسألة اجتهادية قد بحثت في كتب علمي الدراية وأصول الفقه.

قال الشيخ الطوسي في أولالفهرست : إنّ كثيراً من مصنّفي أصحابنا، وأصحاب الأُصول، كانوا ينتحلون المذاهب الفاسدة، و إن كانت كتبهم

____________________

(١) انظر صفحة ٢٨٣ إلى ٣٢٦.