10%

٣ - الغلو عند القميين، نقل الفضائل أم ترك الضروريات؟

هناك رؤيتان عند الفقهاء والرجاليين، فالبعض منهم كالوحيد البهبهاني يعتقد بأنّ القمّيّين كانوا يرمون الآخرين بالغلوّ لنقلهم المعاجز والكرامات العالية للأئمّة بحيث ينتزع من بعضها رائحة الغلوّ، في حين لم يكن الأمر كذلك عند السَّبْرِ والتحقيق.

وذهب فريق آخر منهم إلى أنّ معيار الغلوّ عند القميّين هو ترك الفرائض والضروريّات، كالصلاة والزكاة، لقول الغلاة إنّ معرفة الإمام تكفي عن العمل ولا داعي للإتيان بالواجبات لو عرفنا الإمام حقَّ معرفته، ومثّلوا لذلك بما فعله أهل قمّ مع محمّد بن أورمة، الّذي امتحنوه بالصلاة، وكذا امتُحِنَ المفضّل بن عمر بالصلاة(١) ، وعنون الكشي جمعاً من الغلاة كان من بينهم علي بن عبد الله بن مروان وقال إنّه سأَلَ العياشيَّ عنهم، فقال: وأمّا علي بن عبد الله بن مروان، فإنّ القوم [ يعني الغلاة ] تُمتَحَنُ في أوقات الصلوات، ولم أحضره وقت صلاة(٢) .

وإليك الآن بعض النصوص عن الفريقين:

* قالالوحيد البهبهاني فيتعليقاته على منهج المقال :

اعلم أنّ الظاهر أنّ كثيراً من القدماء سيما القمّييّن منهم والغضائري كانوا يعتقدون للأئمّةعليهم‌السلام منزلةً خاصة من الرفعة والجلالة، ومرتبة معيّنة من العصمة والكمال بحسب اجتهادهم ورأيهم، وما كانوا يجوّزون التعدّي عنها، وكانوا يعدّون التعدّي عنها ارتفاعاً وغلوّاً على حسب معتقدهم، حتّى إنّهم جعلوا مثل نفي السهو عنهمعليهم‌السلام غلوّاً، بل ربّما جعلوا مطلق التفويض إليهم أو التفويض الذي اختُلف فيه، أو المبالغة في معجزاتهم، ونقل العجائب من خوارق العادات

____________________

(١) إكليل المنهج في تحقيق المطلب للكرباسي: ٣٨١، وانظر الكشي كذلك.

(٢) رجال الكشي ٢: ٨١٣ / الرقم ١٠١٤، وانظر قاموس الرجال ١: ٥١ للتستري.