3%

١ - علاقة الغلوّ والتفويض بالشهادة الثالثة

تمهيد:

الغلو فياللّغة: هو تجاوز الحدّ والخروج عن القصد(١) ، ومنه: غلا السعر يغلو غلاءً، وغلا الرَّجُلُ غُلُوّاً، وغلا بالجارية لحمُها وعظمُها: إذا أسرعت الشباب وتجاوزت لِداتها.

وفيالمصطلح: هو الإفراط غير المرضيّ بالعقيدة، وهو كأنْ يقول شَخْصٌ بإلوهية النبي(٢) ، أو الإمام(٣) ، أو مشاركته في العبودية أو الخلق والرزق، وأنّ الله تعالى قد حلّ فيهم أو اتّحد بهم، أو أنّهم يعلمون الغيب بغير وحي أو إلهام أو فضل من الله، أو القول في الأئمّة أنّهم كانوا أنبياء، أو القول بتناسخ أرواح بعضهم إلى بعض، أو القول بأنّ معرفتهم تغني عن جميع الطاعات والعبادات، ولا تكليف معها بترك المعاصي.

والاعتقاد بكلّ منها إلحادٌ وكفرٌ وخروج عن الدين، كما دلّت عليه الأدلة العقلية، والآيات، والأخبار.

والتفويض: هو أن يكون العبد مستقلاًّ في الفعل بحيث لا يقدر الربّ على صرفه، وأنّ الله بعد أن خلق الأئمّة فوّض إليهم خلق العباد ورزقهم، وهذا هو

____________________

(١) مفردات الراغب: ٣٧٧، لسان العرب ٦: ٣٢٩.

(٢) قال ابن تيمية في الجواب الصحيح ٣: ٣٨٤، ظن طائفة من غلاة المنتسبين إلى الإسلام وغيرهم أنّ الأشياء خلقت منه [أي من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ] حتى قد يقولون في محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله من جنس قول النصارى في المسيح.

(٣) قال المفيد في تصحيح الاعتقاد: ٢٣٨ الغلاة من المتظاهرين بالإسلام، نسبوا إلى أمير المؤمنين والأئمة من ذريته الألوهية والنبوة، ووصفوهم من الفضل في الدين والدنيا ما تجاوزوا فيه الحدّ وخرجوا عن القصد.