بغداد وقم مدينتان مستحدثتان بنيتا في العهد الإسلامي، إذ بنى المنصور (١٣٦ هـ - ١٥٨ هـ) بغداد عام ١٤٤ هـ بعد أن كانت سوقا للأديرة التي حولها، ونقل عن الإمام عليعليهالسلام أنّه قد مر بها لما رجع من وقعة الخوارج كاشفاً فيها عن العين التي نبعت لمريمعليهاالسلام (١) .
وارتباط بغداد بالتشيع قديم قِدَم وجودها، ونزول الإمام علي فيها مرجَعهُ من النهروان، وقد نما فيها التشيع وازدهر عند قيام الدولة العباسية واطمئنان الشيعة في بادئ الأمر، ثم ترسّخ فيها التشيع عند حلول الإمام الكاظمعليهالسلام والإمام الجوادعليهالسلام ، مضافاً إلى قربها من النجف وكربلاء حيث فيها الإمام علي والإمام الحسينعليهماالسلام وسامراء التي شرفت بالعسكريينعليهماالسلام ، ولوجود النواب الأربعة فيها إلى غير ذلك من السمات والمميزات التي اختصت بها بغداد دون غيرها.
وأما قم، فقيل: إنّها مصّرت قبل ذلك التاريخ عند فتح الجبل و إصفهان، إذ كان سعد بن عامر الأشعري مع أبي موسى الأشعري في تلك الغزوة، فبقي سعد بن عامر في منطقة الجبل والتي كانت من ضمنها مدينة قم الحالية مع أولاده، وهؤلاء توالدوا مع القادمين والسكان الأصليين، وقيل: إنّها مُصِّرت في أيّام الحجّاج بن يوسف الثقفي سنة ٨٣ هـ بعد أن أخفقت ثورة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس على الحجّاج، فرجع عبد الرحمن إلى كابل منهزماً، وكان معه في جيشه خمسة أخوة من أولاد سعد بن عامر الأشعري وقعوا إلى ناحية قم
____________________
(١) لمعرفة المزيد انظر: أمالي الطوسي: ٢٠٠، مناقب ابن شهرآشوب ٢: ١٠١، عنه وفي بحار الأنوار ١٤: ٣١٠، ٣٣: ٤٣٨، ٩٩: ٢٨.