في حقّهم :( إذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها ) (١) .
إذن ، لابد في كل زمان من إمام عادل ، معصوم ، لا يفترق عن القرآن ، من أهل بيت النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم ، يكون أماناً لأهل الأرض ، به تتحقق عزّة الإسلام وصلاح الأمّة .
أمّا في زماننا هذا ، فإنّ الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) من أهل البيت هو خليفة الله في أرضه ، كما هو واضح من الروايات المستفيضة عن الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم ، منها قوله : ( فإنّ فيها خليفة الله المهدي )(٢) ؛ ولذا نجد المناوي في كتابه ( فيض القدير ) في ذيل هذه الرواية يشير إلى أنّ الإمام المهدي هو الإنسان الكامل ، وهو خليفة الله في أرضه ، حيث قال : ( فإن قلت ما حكمة إضافته إلى الله ، وهلاّ قال الخليفة ؟ قلت : هو إشارة إلى أنّه إنسان كامل قد تجلّى عن الرذائل ، وتحلّى بالفضائل ، ومحل الاجتهاد والفتوّة ، بحيث لم يفته إلاّ مقام النبوّة )(٣) .
إلاّ أنّ الأمر المهم الذي ينبغي الالتفات إليه ، هو أنّهعليهالسلام غائب مستور ، إذ إنّ الإمام المهديعليهالسلام يمتاز عن بقيّة آبائهعليهمالسلام بخصوصية إضافية ، وهي أنّ الإرادة الإلهية شاءت أن يقام العدل في هذه الأرض على يده المباركة ، وشاءت أيضاً أن لا يكون قيام العدل إلاّ في ضمن الشروط الطبيعية ، لا بالطريق الإعجازي ـ كما تقدّم ـ وحيث إنّ شرائط الظهور وإقامة العدل ـ من طرقها الطبيعية التي أرادها الله تعالى لها ـ غير متوفّرة إلى يومنا الحاضر ، فلا بد من استمرار الغيبة ، والخفاء حتى توفّر شرائط الظهور ويأذن الله عزّ وجلّ بالظهور ، هذا من جهة .
ـــــــــــــ
(١) كنز العمال ، المتقي الهندي : ج ١٢ ص ٣٤ ، المعجم الكبير : الطبراني : ج ٢ ص ١٩٦ ( بألفاظ أخرى ) .
(٢) مسند أحمد ، أحمد بن حنبل ، ج ٥ ص ٢٧٧ ، ونحوه في المستدرك على الصحيحين ، الحاكم النيسابوري : ج ٤ ص ٤٦٤ ؛ الجامع الصغير ، السيوطي : ج ١ ص ١٠٠ ح ٦٤٨ .
(٣) فيض القدير شرح الجامع الصغير ، المناوي : ج ١ ص ٤٦٦ ح ٦٤٨ .