6%

ولاية عليّ عليه‌السلام أصل في الدين لا من فروع الشريعة:

النقطة الثانية: إنّ جملة ما ورد من آيات قرآنية في ولاية عليّ وولده عليهم‌السلام وإمامتهم، وكذلك ما ورد من أحاديث نبويّة متواترة ومستفيضة في ذلك، دالّ على أخذ ولايتهم وإمامتهم أصلاً إيمانياً قوامياً في الاعتقاد، كما أشبع ذلك علماء الإمامية ومتكلّميهم في كتبهم، وهذا يقتضي أخذ ولايتهم وإمامتهم ركناً في الدين الحنيف وهو الإسلام، لا أنّها فريضة في تفاصيل الشريعة بمقتضى ما تبين في النقطة الأُولى السابقة

ويعزّز هذه الحقيقة قوله تعالى في آية الغدير: ( الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (1) .

وبيان الآية وإن كان له مقام آخر سيأتي، إلاّ أنّ مفادها إجمالاً: إنّ الذي بلغه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك اليوم من أخذ البيعة لعليّ عليه‌السلام في غدير خم من المسلمين، بها يتحقّق كمال الدين، وهو الإسلام وهو الركن الركين لرضا الربّ لدين الإسلام، فبيّنت الآية أنّ ولايته وولاية ولده عليهم‌السلام مأخوذة ركناً في الدين، لا فريضة فرعية في تفاصيل الشريعة.

وسيأتي ثمّة وجه التعبير بأنّها (كمال الدين) ولم يعبّر أنّها (تمام الدين أي الفرق بين الكمال والتمام كما يعزّز هذه الحقيقة قوله تعالى في آية الغدير الثانية وهي: ( يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) (2) ، حيث جعل الباري تعالى تبليغ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لبقية أجزاء الدين وللشريعة في طرف، وتبليغه لما أمر به في يوم

____________________

1) سورة المائدة: 3.

2) سورة المائدة: 67.