3%

ومن الواضح أنّ التوبة والاستغفار من الذنب دعاء، فلا يرفع ولا تفتح له أبواب السماء إلاّ بالتوجّه بالنبيّ وآله، وسيأتي أنّ هذه الروايات تشير إلى مضمون عدّة من الآيات، فلابدّ من الالتفات إلى ذلك.

ويصبّ في مضمون قوله تعالى: ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ ) (1) قوله تعالى: ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ ) (2) ، لكنّ الآية السابقة صريحة في الشرطية، وأمّا الآية الثانية فغاية دلالتها أنّ التوسّل والتوجّه بالنبيّ في التوبة والتسليم والخضوع والتعظيم لرسول اللَّه من مفاتيح الوَفادة على اللَّه تعالى، ومن علائم الإيمان، والاستكبار عن التوجّه بالنبيّ من صفاة النفاق والمنافقين.

التوجّه إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بالدعاء

وهذه الآيات القرآنية هي الأُخرى تدلّل على أنّ من سنن ناموس الدعاء في القرآن التوجّه أوّلاً إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والطلب منه للتوسّط عند اللَّه لقضاء الحاجة، وليس من الأدب الإلهي - في دعاء العبد - أن يتوجّه بالدعاء والطلب إلى اللَّه تعالى مباشرة ويصدّ عن التوجّه إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، تحت شعار الابتعاد عن الشرك والتفويض والغلوّ - كما يدّعيه السلفية -؛ فإنّ هذا عين الاستكبار والنفاق، كما صرحت به هذه الآية الكريمة، وهو عين المرض الذي ابتلى به إبليس، حيث أبى أن يتوجّه بآدم كالملائكة في عبادته وسجوده حيث توجّهت لآدم لتتوجّه بعدُ به إلى اللَّه تعالى - وكانت الملائكة بذلك موحّدين - بخلاف إبليس؛ فإنّه وصِفَ بالكفر.

بل إنّ الآية تحصر استجابه دعاء كلّ داعي بأن يطلب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من اللَّه تعالى حاجة العبيد كي

____________________

1) سورة النساء: 64.

2) سورة المنافقين: 5.