10%

المقدّمة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد للَّه الجاعل في الأرض خليفة إماماً افترض طاعته على جميع الملائكة والجنّ والإنس، وقد علّمه من لدنه علماً جامعاً بالأسماء كلّها فاحتاجته الملائكة لعلمه، ولم يقبل - تعالى - طاعة وعبادة أحدٍ من خلْقه إلاّ بالطاعة لخليفته، ثمّ الصلاة والسلام على المبعوث للعالمين رحمة، إمام الخلق، التارك فينا الثقلين، الجاعل باب علمه وحكمته وصيّه المرتضى، والمستخلف على الأمّة اثني عشر، وعلى آله المطهّرين الذين يمسّون الكتاب المكنون، وهو آيات بيّنات في صدورهم، الذين قرن اللَّه بطاعته وطاعة رسوله طاعَتهم فريضة، وجعل مودّتهم قرين الرسالة وسبيلاً متخذاً إليه.

وبعد، فهذا هو الجزء الثاني والثالث من كتاب: الإمامة الإلهية. وقد اشتملا على مباحث متعدّدة من خمسة فصول، وقد كان من بواعث الخوض فيها ما يلاحظ في جملة من المقولات من النظرة إلى علم النبي - صلّى الله عليه وآله - وأهل بيته عليه‌السلام كملكة علمية بفقه الدين والشريعة، وأنّ الأحكام الصادرة عنهم أشبه بالفتاوى النابعة عن إعمال جهد الفهم المكتسب والتتبّع في الكتب والأدلّة، أو أنّ ما يحكمون به هو وليد الاستظهار من وراء حجاب الألفاظ ودلالاتها، وقد صرّح أهل سنّة جماعة الخلافة باجتهاد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله - والعياذ باللَّه تعالى - وأنّه هل يصيب أو يخطأ، ولوازم وتوالي هذا القول من الماحقات للدين.

وقد عُبرّ في بعض الأقوال عن بيان أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام للسنّة النبوّية أنّهم رواة لها ونَقَلة، وهو تخيّل أنّ إخبارهم عن النبي - صلّى الله عليه وآله - على حذو الرواة من سائر الناس، وأنّهم يخبرون عنها بما يمتلكون من رصيد مسموعات حسّية وكتب مخطوطة.