بخوارق العادات، مع أنّ آصف بن برخيا الذي أُشير إليه في الآية الأُولى كان عنده بعض علم الكتاب؛ لمكان (مِن) التبعيضية، لا سيما أنّ الآية الثانية في نفس سورة الرعد - ومورد نزولها هو اقتراح الكفار باتساع أرض مكّة بإزالة الجبال، وتسوية الأرض، وتكليم الموتى، من دون تقييدهم وقوع ذلك بالقرآن الكريم - تتضمّن جوابه تعالى بإمكان القدرة على ذلك بتوسّط القرآن، بياناً لعظمة القرآن التكوينية وشؤونه في الآفاق الخارجية، نظير قوله تعالى: ( لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) (1) .
الرابع: تتوضّح مفاد هذه الطائفة مع مفاد الطائفتين السابقتين بأمور مستنتجة، وذلك مثل: ضرورة وجود ثلّة عالمة بالكتاب وما فيه؛ وإلاّ لزم تعطيل الكتاب الذي جُمعت فيه حقائق الكون والتشريع، والذي فيه بيان كلّ شيء، وأنّهم عليهمالسلام في علمهم هذا بالكتاب تالين تابعين لرسول اللَّه؛ لأنّ علمهم متعلّق بما أُنزل على النبيّ صلىاللهعليهوآله .
وكذا تلازم وجود القرآن ووجودهم بأنّهم حينئذٍ الوسيلة للوصول إلى تمام حقائق القرآن التشريعية والتكوينية، وما به من هداية المكلّفين مما تضطرّهم إليه الحاجة.
قوله تعالى: ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لاَ يَمَسُّهُ إِلاّ الْمُطَهَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * أَفَبِهَذَا
____________________
1) سورة الحشر: 21.