فقال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : أجل )(١) .
ثم إنّ التوسّل بالصغار في الاستسقاء أمر ندب إليه الشارع ، وقد ذكر الشافعي(٢) في آداب صلاة الاستسقاء استحباب خروج الصبيان وكبار السن .
ولا شك أنّ الهدف من وراء ذلك هو أنّ هؤلاء الأبرياء والصلحاء مفاتيح استنزال الرحمة ، وكأنّ المتوسّل يقول ربّي وسيّدي ومولاي إنّ الصغير معصوم من الذنب والكبير الطاعن في السن أسير الله في أرضك ، وهما أحق بالرحمة عندك ، فلأجلهم أنزل رحمتك إليهم حتى تعمّنا ، كالساقي للشجرة الواحدة يسقي مساحة واسعة لأجل تلك الشجرة ، وفي ظلّها تسقى سائر الأشجار والأعشاب الأخرى .
ورد في الصحيحين ، عن أنس بن مالك : ( إنّ رجلاً دخل المسجد يوم جمعة من باب كان نحو دار القضاء ورسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم قائم يخطب ، فاستقبل رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم قائماً ، ثم قال : يا رسول الله ، هلكت الأموال وانقطعت السُبل ، فادع الله يغيثنا فرفع رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يديه ، ثم قال : ( اللّهمّ أغثنا اللّهمّ أغثنا اللّهمّ أغثنا ) قال أنس : ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار ، قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلمّا توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت ، فلا والله ما رأينا الشمس ستاً ، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة ورسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم قائم يخطب ، فاستقبله قائماً ، فقال : يا رسول الله ، هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يمسكها عنا ، قال : فرفع رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يديه ، ثم قال : ( اللّهمّ حوالينا ولا علينا ، اللّهمّ على الآكام والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر ) قال : فأقلعت وخرجنا نمشي في الشمس )(٢) ، فكان المرتكز لدى المسلمين أنّ رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم هو المفزع والوسيلة والواسطة بينهم وبين الله تعالى في قضاء الحوائج واستجابة الدعاء ، ثم إنّ إطلاقها شامل لما بعد وفاة النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم فهو الوسيلة ، خصوصاً وأنّ رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم حيّ يرزق يسمع كلامنا ويردّ سلامنا كما سيأتي .
ــــــــــــــ
(١) التمهيد ، ابن عبد البر : ج٢٢ ص٦٣ ـ ٦٥ ؛ الأحاديث الطوال ، الطبراني : ص٧٢ ؛ دلائل النبوة ، البيهقي : ج٦ ص١٤٠ ؛ البداية والنهاية ، ابن كثير : ج٦ ص٩٩ .
(٢) الأم ، الشافعي : ج١ ص٢٨٤ .