وفي سنن أبي داود : ( أتى رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم أعرابي ، فقال : يا رسول الله ، جهدت الأنفس ، وضاعت العيال ، ونهكت الأموال ، وهلكت الأنعام ، فاستسق الله لنا فإنّا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك ، قال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : ( ويحك ! أتدري ما تقول ؟ ) وسبّح رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، فما زال يسبّح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه ، ثم قال : ( ويحك ! إنّه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه ، شأن الله أعظم من ذلك )(١) .
ومن الواضح أنّ رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم قرّر الأعرابي على قوله : ( فإنّا نستشفع بك على الله ) ، فلم ينكرصلىاللهعليهوآلهوسلم الاستشفاع به على الله ، وإنّما أنكر بقوله : ويحك قول الأعرابي : ( ونستشفع بالله عليك ) فبيّن له الرسول الأكرمصلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه لا يصلح الاستشفاع بالله على أحد من خلقة ، أي لا يصح أن يجعل الله واسطة لخلقه ؛ لأنّ الله تعالى أعظم شأناً ، وإنّ الواسطة لا تملك من أمرها شيء ، وإنّما كل شيء بيد المالك ، وهو الله تعالى ، فلا يصح جعله واسطة وشفيع .(٢)
عن أنس بن مالك قال : ( لمّا ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم عليعليهالسلام دخل عليها رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم فجلس عند رأسها ، فقال :رحمك الله يا أُمّي ، كنت
ــــــــــــــ
(١) دلائل النبوة ، للبيهقي : ج٦ ص١٤٣ ، باب استسقاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ شفاء السقام في زيارة خير الأنام ، السبكي : ص٣٠٦ ؛ الدر المنثور ، السيوطي : ج١ ص٣٢٤ ؛ البداية والنهاية ، ابن كثير : ج٦ ص١٠٠ .
(٢) سنن أبي داود : ج ٢ ص ٤١٨ ؛ كتاب السنة ، عمرو بن أبي عاصم : ص٢٥٢ ؛ تهذيب الكمال ، المزي : ج٤ ص٥٠٥ ؛ البداية والنهاية : ج١ ص١١ ؛ شفاء السقام ، السبكي : ص٣٠٦ .