فقد ورد أنّ المنصور الدوانيقي لمّا ناظر مالكاً في مسجد النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم قال له مالك : ( يا أمير المؤمنين ، لا ترفع صوتك في هذا المسجد ، فإنّ الله أدّب قوماً فقال :( لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ ) (١) وذمّ آخرين ، فقال :( إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ ) (٢) ، وأنّ حرمته ميتاً كحرمته حيّاً ، فاستكان لها أبو جعفر وقال : يا أبا عبد الله ، أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ؟ فقال له : ولم تصرف وجهك عنه ، وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدمعليهالسلام إلى الله تعالى يوم القيامة ، بل استقبله واستشفع به )(٣) .
أخرج الدارمي في سننه عن أوس بن عبد الله ، قال : ( قحط أهل المدينة قحطاً شديداً ، فشكوا إلى عائشة ، فقالت : انظروا قبر النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم فاجعلوا منه كوى(٤) إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف ، ففعلوا فمطرنا مطراً حتى نبت العشب وسمنت الإبل ، حتى تفتقت من الشحم ، فسمّي عام الفتق )(٥) .
إنّ من السنن المؤكّدة التي حثّ عليها العلماء والفقهاء من الفريقين هي سنّة التوسّل بالنبي الأكرمصلىاللهعليهوآلهوسلم عند زيارة قبره الشريف في المدينة المنورة ، وإليك بعض أقوال علماء السنّة في هذا المجال :
ــــــــــــــ
(١) الحجرات : ٢ .
(٢) الحجرات :٤ .
(٣) الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، القاضي عياض : ج٢ ص٤١؛ سبل الهدى والرشاد ، الصالحي الشامي : ج١١ ص٤٣٩ ؛ دفع الشبه عن الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم ، الحصني الدمشقي : ص١٤٠ .
(٤) الكوة : الخرق في الحائط والثقب في البيت ، لسان العرب ، ابن منظور : ج١٥ ص٢٣٦ .
(٥) سنن الدارمي : ج١ ص٤٤ .