١ـ الذي ثبت في البحث أن نظام الخلق نظام الأسباب والوسائط ، بمقتضى حكمة الله تعالى وإرادته ، وهذا ممّا لا مجال لإنكاره ، فضلاً عن الآيات الكريمة التي تؤكد هذه الحقيقة ، فهنالك عدّة وظائف في الخلق تدار بواسطة الملائكة من المدبرات والمقسمات ، ومن الملائكة مَنْ وظيفته الحفظ أو الرقابة أو كتابة الأعمال ، أو إنزال الوحي أو قبض الأرواح ونحوها من تدبير الرياح والسحاب والمطر .
٢ـ إنّ اتخاذ الواسطة ليس دائماً شركاً وعبادة لغير الله تعالى ؛ لأنّ العبادة خضوع وتذلّل مع اعتقاد أنّ المخضوع له صاحب مقام الألوهية والاستقلال في التأثير .
٣ـ ورد في القرآن الكريم نماذج كثيرة من الوسائط التي نسبت لها آثار غير طبيعية وخارقة للعادة ، كقميص يوسف وكيفية شفاء يعقوب عند إلقائه على وجهه ، حيث ارتدّ بصيراً ، والتراب الذي قبضه السامري ، وعصى موسىعليهالسلام ، وما توسّل به سليمانعليهالسلام وإتيانه بعرش بلقيس
٤ـ إنّ عنوان التوسّل والشفاعة والاستعانة عناوين يجمعها قاسم مشترك ، وهو الواسطة .
٥ـ إنّ القرآن الكريم ، أمر باتخاذ الوسيلة التي يرضاها الله تعالى لا الوسيلة المقترحة التي لم ينزل الله بها من سلطان ، وقد قال تعالى :( وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ) ، وكذا في أمر القرآن الكريم وحثه للمسلمين على الرجوع إلى النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم وجعله واسطة في غفران الذنوب ، كما حكى لنا نمطاً من أنماط التوسّل في قوله تعالى حكاية عن وُلد يعقوب : ( يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ) وكذا حكاية فعل نبي الله سليمان وهو يتوسّط ويتوسّل بمَن عنده علم من الكتاب لقضاء الأمور المهمّة والخارقة للعادة ، ونحوها .
ونجد أنّ القرآن الكريم يذم الشيطان لعدم سجوده لآدمعليهالسلام مع أنّه لم يشرك بالله ، كل ذلك يدلّ على مشروعية الواسطة التي يأذن الله بها لا مطلق الواسطة ولا كونها باقتراح الناس .
لقد وردت عدّة روايات معتبرة تؤكّد على صحّة التوسّل بذوات وحق الأنبياءعليهمالسلام والصالحين من قبيل توسّل يوسف بيعقوبعليهماالسلام ، وتوسّل نبي الله داودعليهالسلام بحق آبائهعليهمالسلام ، وقد ورد في كتاب الدعاء للطبري ما يؤكّد هذا المعنى .