5%

فلسفة اللعن

بالتأمّل في المعنى اللغوي لكلمة اللعن ، نجد أنّ هذا المعنى يكتنز في داخله الكثير من الإيحاءات والمؤثّرات ذات الجنبة الإيجابية التي تضفي في ظلالها على النفس الإنسانية ، ومن أهم أثار اللعن هي :

١ـ يخلق في داخل النفس الإنسانية حالة من النفرة والرفض لأعمال هؤلاء الظلمة ، فإنّه من خلال لعن هؤلاء يستحضر الفرد المؤمن أعمال المجرمين والظالمين ، ومن ثمّ تنفر النفس من أعمال وممارسات هؤلاء

٢ـ إنّ اللعن يساهم في ميل النفس نحو الفضائل والابتعاد عن الشرور والمفاسد ، وذلك من خلال استحضار أعمال الظلمة .

٣ـ إنّ السكوت عن إشاعة أعمال الظلمة ولو في غابر التاريخ يساهم في تشجيع غيرهم من الظالمين في ممارسة ومضاعفة الظلم ، فاللعن يساهم في الحدّ من جرائم الظلمة .

٤ـ إنّ حالة الرفض لأعمال هؤلاء الظلمة ـ من خلال اللعن لهم ـ يعدّ إعلاناً للبراءة والرفض لهم ؛ وذلك لأنّ عدم الإعلان عن حالة الرفض قد يكون في بعض الأحيان رضاً بأعمالهم ، أو على أقل التقادير حالة الحياد بين الحق والباطل ، وهي حالة مرفوضة ؛ لأنّ المؤمن لابد أن يكون موقفه مع الحق دائماً وأبداً دون السكوت ؛ ولذا ذمّ القرآن الكريم اليهود المعاصرين للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقتلهم الأنبياء مع أنّهم لم يقتلوا الأنبياء ولم يشتركوا بذلك ، وإنّما ذلك لأجل رضاهم بأعمال أجدادهم( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء اللهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) (١) .

٥ـ يعتبر اللعن لوناً من المبارزة والمخاصمة للظلمة ، فهو يعد من أبرز أدوات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

ــــــــــــــ

(١) البقرة : ٩١ .