إذن فلسفة اللعن لأولئك المجرمين والظلمة والفاسقين يحمل في طيّاته البراءة والإنكار لأعمالهم وممارساتهم وإنكارها ورفضها وتقبيحها ؛ ولذا يعد الإنكار ، ولو على مستوى القلب ، والبراءة القلبية هي المرتبة الدنيا من مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، التي يتلوها الإنكار اللساني الذي هو المرتبة الوسطى من مراتبه ، وإنكار المنكر لا يختص بالمنكر الحالي وإنّما يشمل ويعم كل منكر ، سواء كان سابقاً أم حالياً ، ومن أوضح مصاديق إنكار المنكر هو اللعن لأعداء الدين المناوئين ، وعلى هذا الأساس يتوجّب علينا البراءة من جميع أعداء الله على مر العصور والدهور قلباً ولساناً .
فتتلخّص فلسفة اللعن لأعداء الله تعالى في إعلان البراءة منهم ، والتنفّر والابتعاد عن جرائمهم وممارساتهم .
إنّ معنى اللعن في لغة هذا العصر هو التنديد والشجب والاستنكار لكل الأعمال والممارسات التي يقترفها البعض ظلماً وعدواناً ، وهذه سيرة عقلائية لدى كلّ الناس وعلى مختلف المستويات ، فعندما نجد مظلومية ما في أي بقعة من العالم نلحظ أنّ كل ذوي الضمائر الحيّة يشجبون هذه الحالة ويستنكرونها بشدّة ويعلنون إدانتهم لها ، وهذا المعنى هو عين وحقيقة مؤدّى اللعن .
لا شك ولا ريب أنّ الملعون هو ذلك الظالم والمجرم الذي اقترف الظلامات بحق المستضعفين والأبرياء .
نقول : لما تقدّم من أنّ لعنه يُعّد إظهاراً للبراءة من أعماله وجرائمه وتحذير الناس من التقرّب والالتفاف حول كلّ ظالم ، وكذا يعد لعنه ردعاً لكل مَن يريد أن يقتفي أثره في ظلمه وقمعه للمستضعفين
الموقف الشرعي من اللعن
ورد اللعن في القرآن المجيد في ( ٣٨ ) مورداً بصورة صريحة وواضحة ، مشفوعة ببيان الأشخاص المشمولين بهذا اللعن و من جملتها :