اتفق المسلمون بجميع طوائفهم على جواز ومشروعية التقية ، وقد دلّ على مشروعيتها القرآن الكريم والسنّة النبوية وسيرة الأصحاب والتابعين وعموم سيرة المسلمين وأقوال العلماء :
جواز ومشروعية التقية في القرآن الكريم : ١ـ قوله تعالى :( لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ ) (١) .
فقد شدّد الله تعالى في قرآنه الكريم في موارد كثيرة جدّاً على عدم تولّي الكافرين ، وأنّه على حدّ الكفر والشرك بالله تعالى ؛ ولذا قال عزّ وجل في ذيل هذه الآية الكريمة :( وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ ) ولكن مع ذلك يستثني الله تبارك وتعالى من ذلك الأمر الخطير والعظيم حالات التقية والخوف ، فللمؤمنين حينئذٍ أن يوالوا الكافرين بالمقدار الذي يندفع به خوف الضرر .
وقد تقدّم كلام المراغي في هذا المقام ، حيث قال : (( إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً ) أي : إنّ ترك موالاة المؤمنين للكافرين حتم لازم في كل حال ، إلاّ في حال الخوف من شيء تتقونه منهم ، فلكم حينئذٍ أن تتقوهم بقدر ما يتقى ذلك الشيء ؛ إذ القاعدة الشرعية ( أنّ درء المفاسد مقدّم على جلب
ــــــــــــــ
(١) آل عمران : ٢٨ .