و ان ابن آدم قال لأخيه : أتمشي في الناس و قد علموا أنّك قرّبت قربانا فتقبّل منك ، و ردّ عليّ قرباني ، فلا و اللّه لا ينظر الناس إليّ و إليك و أنت خير منّي ، فقال :
لأقتلنّك . فقال له أخوه : ما ذنبي إنّما يتقبّل اللّه من المتّقين ١ .
قلت : الصواب القول الأخير ، و في ( عرائس الثعلبي ) بعد ذكر تزويج قابيل و هابيل من رواياتهم و قال معاوية بن عمّار : سألت جعفرا الصادق أ كان آدم زوّج ابنته من ابنه ؟ فقال : معاذ اللّه لو فعل ذلك آدم لما رغب عنه النبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم و لا كان دين آدم إلاّ دين نبيّنا محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلّم . . . فلمّا أدرك قابيل أظهر اللّه تعالى جنّية من الجنّ يقال لها : عمالة في صورة إنسية ، و خلق لها رحما ،
و أوحى اللّه إلى آدم أن زوّجها من قابيل . فزوّجها منه ، فلمّا أدرك هابيل أهبط اللّه إلى آدم حوراء في صورة إنسية ، و خلق لها رحما ، و كان اسمها تركة ، فلمّا نظر إليها هابيل و رمقها ، أوحى اللّه إلى آدم أن زوّجها من هابيل ففعل . فقال قابيل : يا أبت ألست أكبر من أخي و أحقّ بما فعلت به منه ؟ فقال : يا بني إنّ الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء ٢ . فقال : لا و لكنّك آثرته عليّ بهواك . فقال له :
إن كنت تريد أن تعلم ذلك فقرّبا قربانا فأيّكما يقبل قربانه فهو أولى بها من صاحبه . . . ٣ و روى ( توحيد الصدوق ) عن الاصبغ عن أمير المؤمنين عليه السّلام : لمّا قال على المنبر في أوّل خلافته : سلوني قبل أن تفقدوني ، قام إليه الأشعث بن قيس فقال : يا أمير المؤمنين كيف يؤخذ من المجوس الجزية و لم ينزل عليهم كتاب ، و لم يبعث إليهم نبي ؟ قال : بلى يا أشعث قد أنزل اللّه عليهم كتابا و بعث
ـــــــــــــــــ
( ١ ) تاريخ الطبري ١ : ٩٢ ٩٦ ، و الآية ٢٧ من سورة المائدة .
( ٢ ) الحديد : ٢٩
( ٣ ) العرائس للثعالبي : ٤٤ .