اتفقت كلمة أعلام السنّة على جواز التقية وقد تقدم ذكر بعضها ، ونذكر بعضها الآخر على سبيل المثال :
١ـ قال النووي : ( لا مبالاة بإثبات التقية وجوازها ، وإنّما تكره عامة الناس لفظها ؛ لكونها من معتقدات الشيعة ، وإلاّ فالعالم مجبول على استعمالها ، وبعضهم يسمّيها مداراة ، وبعضهم مصانعة ، وبعضهم عقلاً معاشياً ، ودلّ عليها دليل الشرع ) .
٢ـ استدلّ النووي على جواز التقية بما استدلّ به القرطبي على جوازها ، حيث قال القرطبي في تفسيره مستدلاً على جواز التقية : ( قال تعالى :( إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ ) وقال :( إلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً ) وقال :( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ ) وقال :( إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ ) فعذر الله المستضعفين الذين يمتنعون من ترك ما أمر الله به ، والمكره لا يكون إلاّ مستضعفاً غير ممتنع من فعل ما أمر به ؛ قاله البخاري )(١) ، فعقّب النووي على هذا قائلاً : ( فلمّا سمح الله عزّ وجل بالكفر به لمَن أكره وهو أصل الشريعة ولم يؤاخذ به ، حمل عليه أهل العلم فروع الشريعة كلّها ، فإذا وقع الإكراه عليها لم يؤاخذ به ولم يترتب عليه حكم ، وبه جاء الأثر المشهور عن النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم :( رفع عن أُمّتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) )(٢) .
ــــــــــــــ
(١) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي : ج١٠ ص١٨٢ .
(٢) المجموع ، النووي : ج١٨ ص٩ .