5%

٢٠ـ تقية كثير من العلماء في حكم من الأحكام الشرعية .

حيث ذكر القرطبي في تفسيره ثلاث مسائل في بيان قوله تعالى :( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ) وقال في المسألة الثالثة : ( قال ابن العربي : ولامتنان البارئ سبحانه ، وتعظيم المنّة في التين ، وأنّه مقتات مدّخر ؛ فلذلك قلنا بوجوب الزكاة فيه ، وإنّما فرّ كثير من العلماء من التصريح بوجوب الزكاة فيه ، تقية جور الولاة ؛ فإنّهم يتحاملون في الأموال الزكاتية فيأخذونها مغرماً )(١) .

هذه نبذة يسيرة حول تعامل المسلمين مع مبدأ التقية ، وأنّ التقية كانت سلاحاً وعلاجاً ناجعاً يتعاطاه الفرد المسلم عندما يشعر بالخوف من ضرر الغير .

التقية في نظر العقل والعقلاء

لا شك أنّ العقل يدرك ويحكم بوجوب دفع الضرر وإن كان محتملاً ، بل العقلاء طبعهم وسيرتهم جارية على دفع الضرر والفرار منه وجلب ما فيه السلامة والأمن والنجاة ، وقد تقدم أنّ موارد التقية هي خوف الضرر ؛ ولذا نجد العقلاء يلجئون في كثير من الأحيان إلى مجاراة الغير ومداراته إذا كانوا يخافون ضرره وعدوانه ، ومن هنا يُعدّ ترك التقية في بعض الأحيان في الأوساط العقلائية خلاف العقل ، فيما إذا كانت المنفعة المتوخّاة في الدين أو الدنيا على خلاف المواجهة والتحدّي .

نعم ، الموارد التي تندرج ضمن مبادئ التضحية والفداء والدفاع عن العقيدة أو الوطن ، أو أي مواجهة تتضمّن مدح العقل والعقلاء وتحسينهم لها ، ففي مثل هذه الحالات يحكمون بحسن تلك المواجهة ويخرجونها عن مواطن حكمهم بوجوب دفع الضرر والحذر منه .

ــــــــــــــ

(١) تفسير القرطبي : ج٢٠ ص١١٢ .