وقد اعتبر رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ترك التقية في بعض المواطن ذلاًّ وهواناً للمؤمن ، كما فهم ذلك ابن عمر والتزم به تحت منبر الحجّاج عندما كان يتحدث بالمنكرات على منبر الإسلام(١) .
وغير ذلك ممّا ذكرناه وممّا لم نذكره رعايةً للاختصار .
من الجدير بالذكر أنّ إطلاق الآيات والروايات المتقدمة كما أنّها تشمل القول تشمل الفعل أيضاً ، دون كبائر المحرمات كالقتل وما هو بمرتبته ، وهذا أيضاً ما تحكم به الفطرة ويؤيّده العقل ، فلا ريب أنّ الأمر لو دار بين القتل وبين بذل مقدار من المال أو الإتيان ببعض الأفعال فإن العقل يحكم بضرورة الإتيان بذلك الفعل ، وأن لا يلقي الإنسان بنفسه إلى التهلكة ، وهذا ما تشهد على صحته الآيات والروايات ، وأقوال العلماء حول مبحث الإكراه والاضطرار ، كأكل الميتة وشرب الخمر وغيرهما .
وكل ذلك يدور مدار تقديم الأهم على المهم ، وهو مبدأ عقلائي لا شك في ضرورته ومشروعيته.
وهذا ما تقدّم وسيأتي أيضاً في كلام النووي من أنّ العلماء عمّموا عدم مؤاخذة المكره لكل ما أُكره على الإتيان به ، بعد أن سمح الله عزّ وجل بالكفر الذي هو أصل الشريعة .
ــــــــــــــ
(١) المعجم الأوسط ، الطبراني : ج٥ ص٢٩٤ ؛ مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج٧ ص٢٧٤ .