وقال الشوكاني فيما سبق من كلامه في هذا المجال في تفسيره : ( وذهب الحسن البصري والأوزاعي والشافعي وسحنون إلى أنّ هذه الرخصة المذكورة في هذه الآية إنّما جاءت في القول ، وأمّا في الفعل فلا رخصة ، مثل أن يكره على السجود لغير الله ، ويدفعه ظاهر الآية ، فإنّها عامة فيمَن أكره من غير فرق بين القول والفعل ، ولا دليل لهؤلاء القاصرين للآية على القول ، وخصوص السبب لا اعتبار به مع عموم اللفظ كما تقرّر في علم الأصول )(١) ، بل نقول إضافة إلى ما ذكره الشوكاني : أنّ جميع أدلة التقية مطلقة وشاملة للفعل ، ولكن فيما لم يبلغ مبلغ القتل مثلاً .
لماذا يتقي المسلم أخاه المسلم ؟
في المقدمة لا بد أن يعلم أنّ حكم التقية ومشروعيتها باقٍ إلى يوم القيامة لم يُنسخ ولم يُغيّر ، وقد اتفقت كلمة العلماء على ذلك ، وسبق وأن نقلنا قول الحسن البصري : ( التقية جائزة إلى يوم القيامة ) ، وهذا واضح لم ينكره أحد .
ولكن هل يختص حكم التقية بالتقية مع الكافرين ، أو أنّه يشمل المسلمين فيما بينهم ، إذا تشاكلت الحالة في الظلم والجور والاضطهاد ؟
ومن الواضح أنّ روايات أهل البيتعليهمالسلام وأقوال وفتاوى علماء الشيعة تنصّ على جواز تقيّة المسلم مع المسلم الآخر ، إذا كان ذلك المسلم ظالماً يضطهد كل مَن يخالفه في الرأي والمعتقد ويعتدي عليه بالقتل والفتك وألوان العذاب .
ــــــــــــــ
(١) فتح القدير ، الشوكاني : ج٣ ص١٩٧ .