5%

المداراة وحسن المعاشرة وثقافة التعايش

إنّ أكثر الأبحاث التي سبقت كانت في التقية بمعنى خوف الضرر من الغير ، وهي التي قال عنها الإمام محمد بن علي الباقرعليه‌السلام :( إنّما جُعلت التقية ليحقن بها الدماء ، فإذا بلغ الدم فلا تقيّة ) (١) ، وقالعليه‌السلام فيها أيضاً :( التقية في كل شيء يضطر إليه ابن آدم فقد أحلّه الله له ) (٢) و( التقية في كل ضرورة ) (٣) و( التقية في كل ضرورة وصاحبها أعلم بها حين تنزل به ) (٤) ، فقد يبلغ بها الملاك وشدّة المصلحة إلى الوجوب والإلزام ، وقد تكون بنحو الندب والمحبوبية ، وقد يتساوى طرفي فعلها وتركها ، وقد تكون مرجوحة ، وقد تكون محرّمة كما سبق .

أمّا التقيّة بمعنى مداراة الآخرين وحسن معاشرتهم وعدم التجاوز على أعرافهم وتقاليدهم المشروعة لهم فمّما لا إشكال في مشروعيتها ، بل القرآن الكريم والسنّة النبوية والعقل الصريح وسيرة العقلاء والمسلمين جميعها تثبت مشروعية ذلك وكونه راجحاً ومطلوباً ، ولا شك أنّها من الأخلاق التي بعث النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لإتمامها .

التقية المداراتية في القرآن الكريم

قوله تعالى :( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) (٥) .

ــــــــــــــ

(١) المحاسن ، أحمد بن محمد بن خالد البرقي : ج١ ص٢٥٩ .

(٢) الكافي : ج٢ ص٢٢٠ .

(٣) المحاسن : ج١ ص٢٥٩ .

(٤) الكافي ، الكليني : ج٢ ص٢١٩ .

(٥) الأعراف : ١٩٩ .