لقد اهتمّت الشريعة الإسلامية والشرائع التي سبقتها بمسألة الدماء والأعراض والأموال اهتماماً بالغاً ، وهذا الأمر واضح حيث تطالعنا به مجمل الأبواب الفقهية ، سواء في قسم المسائل العبادية أو قسم القضايا المعاملاتية والحقوقية والجنائية ، وقد احتل حق الحياة مكانة مهمة ومساحة واسعة في القرآن الكريم ، كما في قوله تعالى :( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ) (١) وقوله عزّ وجل :( مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْر نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ) (٢) .
وهكذا نجد أنّ الأهمية ذاتها أولاها القرآن الكريم الحصانة الفردية والأسرية والحفاظ على كرامة أعراض الناس وأموالهم ، وعدم انتهاكها من جهة التجسّس أو القذف أو ابتزاز الحقوق وسرقة الأموال ومطلق التجاوز على الأملاك الشخصية والحقوق المالية للآخرين .
قال تعالى : ( يَا َيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً ) (٣) .
وقال عزّ وجل :( قُل للْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) (٤) .
وقال تعالى أيضاً :( إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي
ــــــــــــــ
(١) النساء : ٢٩ .
(٢) المائدة : ٣٢ .
(٣) الحجرات : ١٢ .
(٤) النور : ٣٠ .