إذن القرائن القطعية تفيد عدم النسخ ، لاسيّما مع ملاحظة أنّ هذه القرائن فيها اضطراب ، مضافاً إلى تعدّد ادعاءات النسخ كما مرّ ذكره سابقاً .
وقد أورد القرطبي في تفسيره ما قاله ابن العربي من أنّ النسخ تناول هذا الحكم مرتين ، ثم علّق عليه بقوله : ( وقال غيره ممّن جمع طرق الأحاديث فيها : إنّها تقتضي التحليل والتحريم سبع مرات ) ثم عدّد ادعاءات النسخ وقال : ( هذه سبعة مواطن أُحلّت فيها المتعة وحرّمت )(١) .
وقال ابن قيم الجوزية : ( وهذا [النسخ] لا عهد بمثله في الشريعة البتّه ولا يقع مثله فيها )(٢) ، ثم إنّ الملفت للنظر هو أنّ ادعاءات النسخ ظهرت بعد انقراض عصر الصحابة ، ولو كان واحدة منها في ذلك العصر لاستشهد بها عمر بن الخطاب نفسه في تحريمه ، مع أنّه كان بأمسّ الحاجة إليه ؛ لأنّ المسلمين وعلى رأسهم الصحابة لم يتلقّوا موقف عمر بالقبول وإنّما ردّوا عليه بأنّهم قد مارسوا هذا العمل في عهد رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وعهد أبي بكر ، فلو كان هناك نسخ لظهر وبان .
إنّ الملاحظة الأخرى التي تسجّل على النسخ ، إنّ ادعاءات النسخ معارضة لكلام عمر نفسه الذي قال : ( متعتان كانتا على عهد رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم أنهى عنهما وأعاقب عليهما ، متعة النساء ومتعة الحج )(٣) فلو كان هناك شيء من النسخ لاحتجّ به ولم ينسب ذلك إلى نفسه .
ــــــــــــــ
(١) تفسير القرطبي : ج٥ ص١٣١
(٢) زاد المعاد : ج٣ ص٤٠٣ .
(٣) شرح معاني الآثار : ج٢ ص١٤٦ .