إنّ من أروع صور العزاء والرثاء والندبة التي يعرضها القرآن الكريم هذه الجريمة البشعة ، التي ارتكبها الأشقى في حق ناقة صالحعليهالسلام ، مع أنّها كانت تتمتع بنوع من الحرمة ؛ لكونها من الشعائر والحرمات التي أضافها الله سبحانه وتعالى لذاته المقدّسة ، حيث قال تعالى :( إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَاهَا * فَكَذّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوّاهَا * وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا ) (١) .
فالسورة المباركة أسندت ذلك الفعل الشنيع إلى قوم ثمود بأجمعهم ، مع أنّ الذي قام به شخص واحد ، وهذا درس آخر يقدّمه القرآن الكريم من خلال استعراضه هذه القصة ، وهي أنّ مَن رضي بفعل قوم كان كمن شاركهم في فعلهم ؛ ولذا أسند الجريمة لقوم ثمود لرضاهم بفعل ذلك الأشقى .
وهذا يعني ضرورة التضامن والوقوف مع المظلومين ، والشجب والاستنكار لما يقوم به الظالمون ، فلابد من تفاعل الشخص مع آيات القرآن الكريم كل آية بحسبها ، وقد ورد في هذا المعنى روايات كثيرة :
عن جرير ، قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم لنفر من أصحابه :( إنّي قارئ عليكم آيات من آخر الزمر فمَن بكى منكم وجبت له الجنّة ، فقرأها من عند( وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقّ قَدْرِهِ ) إلى آخر السورة ، فمنّا مَن بكى ومنّا مَن لم يبك ، فقال الذين لم يبكوا : يا رسول الله لقد جهدنا فلم نبك ، فقال :إنّي سأقرأها عليكم
ــــــــــــــ
(١) الشمس : ١٢ ـ ١٥ .