5%

البحر ) (١) .

٧ ـ وأخرج سبط ابن الجوزي عن ابن الهبارية الشاعر أنّه اجتاز بكربلاء فجلس يبكي على الحسين وأهله (رضي الله عنهم) وأنشد شعراً :

أحسين والمبعوث جدك بالهدى

قسماً يكون الحق عنه مسائلي

لو كنت شاهد كربلا لبذلت في

تنفيس كربك جهد بذل الباذلِ

وسقيت حدّ السيف من أعدائكم

عللاً وحد السمهري الذابلِ

لكنّني أخرّت عنك لشقوتي

فبلابلي بين الغريّ وبابلِ

هبني حرمت النصر من أعدائكم

فأقل من حزن ودمع سائلِ

ثم نام في مكانه فرأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام فقال له : جزاك الله عني خيراً ، وأبشر فإنّ الله قد كتبك ممّن جاهد بين يدي الحسين )(٢) .

الدليل السادس : اندراج الشعائر الحسينية تحت عنوان تعظيم الشعائر

لا شك أنّ الحسينعليه‌السلام ونهضته والمبادئ التي خرج من أجلها من شعائر الله ، بل الحسينعليه‌السلام الذي هو عدل القرآن الكريم وثاني الثقلين وسيّد شباب أهل الجنّة من أعظم شعائر الله ، التي لابد من التمسّك بها وتعظيمها وإحياء أمرها ، كما تقدّم مفصّلاً وجوب تعظيم شعائر الله بنص الآيات والروايات الشريفة وفتاوى العلماء والفقهاء ؛ ولا ريب أنّ إقامة المآتم والمجالس والبكاء والرثاء يعد رافداً مهمّاً من روافد الثقافة ، لما تضطلع به من دور مهم وكبير في الحركة الإعلامية والثقافية للدين الإسلامي ، ولمّا تتضمّنه من رصيد ضخم في التبليغ والإرشاد ، الذي يشكل عنصراً مهماً من عناصر الصمود والتضحية والمقاومة .

ويكمن سرّ قوّة هذه الشعائر في إثارة المشاعر الإنسانية ، فحينما تتحوّل هذه الأفكار إلى متبنّيات لدى الإنسان وتشكّل جزءاً من شخصيته ، تصبح عملية المساس بها مساساً بشخصيته ؛ لأنّ هذه الأفكار مستوحاة من الرسالة ، وبذلك يكون الانتصار لها والدفاع عنها دفاعاً عن الشخصية الرسالية ، وبذلك يهتز الإنسان بكل مشاعره متى ما مست رسالته وأهدافه ، ومن ثمّ يتحوّل هذا الإحساس المرهف إلى رصيد رسالي يصون الرسالة ، وهذا يعد من أبرز الأساليب التربوية والثقافية لإحياء الرسالة الإسلامية التي أُمرنا بالمحافظة عليها .

ــــــــــــــ

(١) ينابيع المودة ، القندوزي : ج ٣ ص ١٠٢ .

(٢) نظم درر السمطين ، الزرندي : ص ٢٢٥ ؛ ينابيع المودة ، القندوزي : ج ٣ ص ٤٩ .