البحر ) (١) .
٧ ـ وأخرج سبط ابن الجوزي عن ابن الهبارية الشاعر أنّه اجتاز بكربلاء فجلس يبكي على الحسين وأهله (رضي الله عنهم) وأنشد شعراً :
أحسين والمبعوث جدك بالهدى | قسماً يكون الحق عنه مسائلي | |
لو كنت شاهد كربلا لبذلت في | تنفيس كربك جهد بذل الباذلِ | |
وسقيت حدّ السيف من أعدائكم | عللاً وحد السمهري الذابلِ | |
لكنّني أخرّت عنك لشقوتي | فبلابلي بين الغريّ وبابلِ | |
هبني حرمت النصر من أعدائكم | فأقل من حزن ودمع سائلِ |
ثم نام في مكانه فرأى رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام فقال له : جزاك الله عني خيراً ، وأبشر فإنّ الله قد كتبك ممّن جاهد بين يدي الحسين )(٢) .
لا شك أنّ الحسينعليهالسلام ونهضته والمبادئ التي خرج من أجلها من شعائر الله ، بل الحسينعليهالسلام الذي هو عدل القرآن الكريم وثاني الثقلين وسيّد شباب أهل الجنّة من أعظم شعائر الله ، التي لابد من التمسّك بها وتعظيمها وإحياء أمرها ، كما تقدّم مفصّلاً وجوب تعظيم شعائر الله بنص الآيات والروايات الشريفة وفتاوى العلماء والفقهاء ؛ ولا ريب أنّ إقامة المآتم والمجالس والبكاء والرثاء يعد رافداً مهمّاً من روافد الثقافة ، لما تضطلع به من دور مهم وكبير في الحركة الإعلامية والثقافية للدين الإسلامي ، ولمّا تتضمّنه من رصيد ضخم في التبليغ والإرشاد ، الذي يشكل عنصراً مهماً من عناصر الصمود والتضحية والمقاومة .
ويكمن سرّ قوّة هذه الشعائر في إثارة المشاعر الإنسانية ، فحينما تتحوّل هذه الأفكار إلى متبنّيات لدى الإنسان وتشكّل جزءاً من شخصيته ، تصبح عملية المساس بها مساساً بشخصيته ؛ لأنّ هذه الأفكار مستوحاة من الرسالة ، وبذلك يكون الانتصار لها والدفاع عنها دفاعاً عن الشخصية الرسالية ، وبذلك يهتز الإنسان بكل مشاعره متى ما مست رسالته وأهدافه ، ومن ثمّ يتحوّل هذا الإحساس المرهف إلى رصيد رسالي يصون الرسالة ، وهذا يعد من أبرز الأساليب التربوية والثقافية لإحياء الرسالة الإسلامية التي أُمرنا بالمحافظة عليها .
ــــــــــــــ
(١) ينابيع المودة ، القندوزي : ج ٣ ص ١٠٢ .
(٢) نظم درر السمطين ، الزرندي : ص ٢٢٥ ؛ ينابيع المودة ، القندوزي : ج ٣ ص ٤٩ .